• ×

04:33 مساءً , الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024

سحابة الكلمات الدلالية

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


الأنامَلُ الثرثارة ..!!!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 د.أحمد النجار
أحمد النجار


ريبيكا سيدويك طفلة أمريكية من ولاية فلوريدا بوجه ملائكي يضجُ براءةً , لم تتجاوز الاثني عشر ربيعاً بعد , وذات صباحٍ قررتْ هذه الطفلة الملاك أن تُغيرَ اتجاهها الصباحي لمدرستها إلى مصنعٍ قديمٍ في ليكلاند بالقربِ من تامبا , وتصعدُ إلى أحد طوابقه المرتفعة وتُلقي بنفسها لتسقطَ ميتة ..!!
انهارتْ أسرةُ ريبيكا تحت وقع هذه الفاجعة المُمزقة .., وتولتْ الشرطة التحقيق في الأمر , وكانت المفاجأة أن عثرتْ الشرطة في هاتفها المحمول على رسائل إلكترونية مروعة جاء في بعضها : هلا تموتين من فضلك ؟، وأنتِ قبيحة جدا .. , و لماذا لا تزالين على قيد الحياة ؟!!! واكتشفوا أن هذه الغارقة في الطفولة ظلت عاماً كاملاً تتعرضُ لإزعاجٍ وضغوطٍ نفسية على جهازها الذكي ودون أن تُخبرَ أحداً ..!!
من الطبيعي جداً أن يكون الأطفالَ ثرثارون لدرجةٍ مملةٍ نضطرُ - كثيراً - أن نطلبَ منهم الصمتَ لنُكمِلَ حديثنا وأن نبذل جهداً شاقاً في تدريبهم على انتظار دورهم في الحديث وعلى عدم مقاطعة المتحدث حتى ينتهي من حديثه ..!!
حتى أننا عندما نُطفئ الإضاءة في حجرة نومهم نستغرقُ وقتاً ونحنُ نطلبُ منهم بين الفينة والفينة أن يتوقفوا عن الحديث مع بعضهم البعض وأن يخلدوا للنوم ..!!
كل هذا كان سابقاً , أما الآن وبفضل الأجهزة الذكية التي لم تترك يداً إلا ووصلتْ إليها - إلا من رحمَ ربي - باتَ الصمتُ سيدَ الموقف .., صار أطفالنا لايتحدثون لا معنا ولا مع بعضهم ولا حتى مع أنفسهم إلا نادرأً , فما عادت هناك تلك المُحادثات التي كُنا نُمررُ من خلالها مانشاء تمريرهُ لهم , وماعادت هناك أحاديث الطفولة الغارقة في البساطة والسذاجة التي كانت تدور بينهم وبين بعضهم , وماعادت هناك حتى تلك الأحاديث الغارقة في الخيال الطفولي الخصب والبّناء , والتي كانت تُسهم إسهاماً كبيراً في تنمية الطفل تنمية صحيحة ً .., أطفالنا ياسادة باتت ألسنتهم خرساء ..!!!
ولكنهم لم يتخلوا عن طبع الثرثرة الأصيل فيهم واستبدلوا الأنامل بالألسنة فصارت أناملهم الصغيرة الغضة ثرثارة ..!!
أنا واثقٌ أن الطفلة ريبيكا كانت صامتة تماماً وواثقٌ أن أناملها كانت تثرثرُ ثرثرةً لاتتوقف , ولم يخرق هذا الصمت إلا صوت ارتطام جسدها الصغير على الأرض ميتةً ..!!
وهنا مكمن الخطر أيها الأحبة , فأطفالنا مازلوا يثرثرون عبر أجهزتهم الذكية بلسان أناملهم , ونحنُ لانعلم مع من أو في ماذا يثرثرون ؟!! , والطامة الكبرى أننا لسنا مستعدون لأن نرفع أناملنا الكبيرة أمام أعيننا ونصرخُ فيها : صه , ونتخلى عن ( الواتس وقروباته ) والتي سأفرِدُ عنهما مقالاً منفصلاً - بإذن الله - أو عن بقية مواقع التواصل اللاجتماعي , بل وأصبحنا مهرة للغاية في التماس الأعذار والمبررات لأنفسنا لقضاء الساعات الطوال وأناملنا تثرثرُ عبر هذه الأجهزة الغبية , فأناملنا ثرثارةٌ أكثرُ من أنامل أطفالنا ..!!
اخرسوا أناملكم واغلقوا هواتفكم الذكية وضعوها جانباً واستمتعوا بالحياة الواقعية الحقيقية لا الافتراضية الغير حقيقة , حتى وإن لم يكن عندكم أطفال, أما إن كان عندكم أطفال فمن أجلهم تحركوا الآن واعيدوا النطق لألسنةِ أطفالكم واستمتعوا بثرثرتهم الحقيقة معكم أو مع بعضهم أو حتى مع أنفسهم , ولاتعتمدوا على الظن الخاطئ أن رقابتكم كافية , فلا رقابة على هذه الأجهزة ولو كان لكم عدد أعين كالذي تملكه النحلة , فلنتنبه قبلَ أن نُفجَعَ - لاسمحَ الله - في أحدهم كما فُجِعَ أهل الطفلة ريبيكا بها ..!!!

أ.أحمد النجار
مستشار نفسي واجتماعي
تويتر 3h_live@




بواسطة : أحمد النجار
 0  0  1673
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:33 مساءً الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024.