• ×

05:55 صباحًا , السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024

سحابة الكلمات الدلالية

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


المُقاربَة الدِينيَّة وفهِم الآخَر!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 الكاتبة : خولة مرتضوي
الكاتبة : خولة مرتضوي

لا شكَ من أنّ ضروريات عالم اليوم الذي أصبح كقرية كونية/ كوكبية متقاربة جعلت فضاء مقارنة الأديان وفهم الآخر من العلوم المغرية التي أشعلت اهتمام مختلف المشتغلين بالفكر والفلسفة الإسلامية والذين انكبوا لمعرفة المقابلات المتنوعة بين مختلف الأديان والملل والنحل في عالم اليوم والأمس وذلك في شكل مقارنات نظامية (دراسة علمية منهجية)، فقد أصبح موضوع فهم الآخر؛ يستلزم بشكلٍ مباشر فهمه عقائدياً ودينياً، كما أنّ فهمنا المباشر لمكنونات الثقافات والحضارات المتنوعة يُلزمنا في جانبٍ كبيرٍ منه على فهم خلفياتها الدينية وظروفها العقائدية السائدة في تلك الحقب جنباً إلى جنب باقي ظروفها المعيشية اقتصادياً وسياسياً وعلمياً وثقافياً وما إلى ذلك، كما أنّ العالم الذي أصبح اليوم قرية واحدة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي والشبكات الاتصالية المختلفة مهدَ لظهور علاقاتٍ افتراضية مع أبناءِ الكرة الأرضية (المختلفين) في كل شيء ومهد التقانة الجديدة لظهور نوعٍ خاص من التواصل والحوار الحضاري الديني الأمر الذي شكَلَ تحدياً أمام الكثير لسبر أغوار الآخر وفهمه بالشكل الموضوعي العميق لاسيما في مجال العقائد والأديان المعاصرة.
ولنُفنّد في بادئ الأمر لأمرين هامين في هذا الباب، الأول هو لمفهوم هذا العلم (علم مقارنة الأديان) والذي يتمثل في دراسة أشكال الطقوس وأصول المعتقدات والعبادات لأديان العالم على نحوٍ مقارن، والثاني هو لوظيفة هذا العلم المُتمثلة في التعرّف على أوجه التباين والتشابه بين أديان العالم ومعتقداته وتحديد علاقة بعضها ببعض وتفنيد القواسِم المشتركة بينها، ومن أكثر تعريفات علم مقارنة الأديان المتداولة على الشبكة العنكبوتية هو تعريف الموسوعة الإلكترونية (ويكيبيديا) ومفاده، أن مقارنة الأديان هي: "مجال دراسة الدين، الذي يقوم بتحليل أوجه التشابه والاختلاف بين الموضوعات، والأساطير، والطقوس والمفاهيم بين أديان العالم"، فيما عدّ أبو الحسن العامري في كتابه (الإعلام بمناقب الإسلام) هذا العلم ضمن العلوم المِليّة وذكَرَ أنّه هو العلم الذي يُمكننا من خلاله دراسة الدين وأُسسه الفكرية والمعرفية، كما رأى أنّ النزعات الفكرية المتطرفة كالجحود والإلحاد غير مجدية في دراسة الظاهرة الدينية مُعللاً أنها إما تؤدي إلى اعتقاد لا يستند لبرهانٍ عقلي رصين ويؤدي بالنهاية إلى ارتياب وحيرة و إما أنها تؤدي إلى اعتقادٍ يُفضل لذات الحياة العاجلة ولا يكترث بأمر العاقبة، فهُما في رأيه يُمثلان لحالة فكرية مرضية تُنافي مبدأ الموضوعية المعرفية لدراسة الدين من الناحية الصحيحة.
إنّه من أهم القضايا الرئيسة في هذا العلم مسألة مناهج دراسة الأديان، فالدافع الأساس من الإقدام على دراسة الأديان في الإسلام هو الإسلام ذاته، وقد تنوعت مناهج عُلمائنا المسلمين في دراسة الأديان، فعندهم المنهج النقدي أو الجدلي أو المعروف بمنهج الرد، وعندهم المنهج التحليلي المقارن، وعندهم أيضا المنهج التحليلي النقدي، بالإضافة إلى المنهج الوصفي، ومن الجهة المقابلة نجد أنّ دافِع الفكر الغربي ليس دينياً أبداً في موضوع دراسة الأديان فلا جَرَم أن لا اعتبار لعنصر القداسة إلا وصفا، ولعلَ العامل في هذا معروف عندنا جميعا، فالغرب وضعوا أصول هذه الدراسة في حضارة لم تقُم إلا بعد أن أُقصي الدين، وبعد أن أتعبهم الدين بقيادة رجال الكنيسة، وأُثقلوهم بالتخلف والظلم والحرمان، لذا تباينت مناهج دراسة الأديان في الغرب عنها في الفكر الإسلامي، فمن مناهج الغرب في دراسة الأديان (المنهج الظاهراتي) والذي يقوم على وصف الدين كما هو ظاهر في الأعمال اليومية وطريقة العبادة والطقوس الدينية في الأفراح والأتراح، ومن المناهج الغربية في دراسة الأديان كذلك: المنهج الفلسفي، والمنهج الأنثروبولوجي أو علم الاجتماع الديني، والمنهج النفسي، علاوةً على المنهج الاجتماعي وهو قرين الصلة بالمنهج الأنثروبولوجي من حيث النظر إلى الدين كعامل أوجده المجتمع، إلا أن ضرورة تطور الدين من البدائية إلى التقدم ليس شرطا في المنهج الاجتماعي.
ومن الضروري أن يكون الباحث أو مؤرخ الأديان في علم المقابلة أو المقارنة الدينية على درجة عالية من الوعي والإدراك التي تخولانه عدم الإفراط في موضوعيته وحياديته العلمية والأخلاقية، فلابدّ أن يُحكّم الباحث أو المؤرخ المتخصص عقله ويجعلهُ حَكَماً ومقياساً في مقارنته للأديان، وعطفاً على كتاب (الإعلام بمناقب الإسلام) نجدُ أنّ العامري قد رسَمَ فيه المعالم الموضوعية والأساسية في دراسة التُراث الديني واشترط لنجاحها أمرين اثنين، هما: "أن لا يوقع (الكاتب) المقايسة إلا بين الأشكال المتجانسة؛ أعني ألّا يعمد إلى أشرف ما في هذا فيقيسه بأرذل ما عند صاحبه، ويعمد إلى أصلٍ من أصول هذا فيقابله بفرعٍ من فروع ذاك، وألّا يعمد إلى خلّةٍ موصوفةٍ في فرقةٍ من الفرق، غير مستفيضةٍ في كافتها، فينسِبها إلى جملة طبقاتها، وفي رأي العامري: "متى حافظ العاقل في المقابلة بين الأشياء على هذين المعنيين، فقد سهّل عليه المآخذ في توفية حظوظ المتقابلات، وكان مُلازماً للصواب في أمره"، علاوةً على كُلِ ما سبق: على الباحث أو مؤرخ الأديان الجاد في رسالته العلمية والبحثية أن يكون كذلك على درجة فهمٍ عميق للاهتمامات الفلسفية المختلفة للأديان المبحوثة: كالأخلاق والطبيعة والخلاص والماورائية وغيرها، مع امتلاكه لحصيلة معرفية مُلمة بالممارسات البشرية والمعتقدات التي تتعلق بالروحانيات والإلهيات والمقدس والأرواح وغيرها.
وبوجهٍ عام؛ فالمجتمعات التي لديها حُكمٌ مُسبق عن الآخر من حيث المعتقد ومن حيث الثقافة سوف تُواجه الكثير من الصعوبات في إدراك الآلية المتناسبة لتحقيق منهجية يمكن من خلالها فهمها للآخر بشكل عميق وليس بشكل مسطح، ومِنَ الصعب تغيير موقف بعض المجتمعات لمجرد طرح ثقافة قبول الآخر، ومن هنا يأتي دور الباحثين والعلماء المتخصصين في علم مقارنة الأديان في عالمنا المسلم المعاصر، فمن اليوم عليهم أن يعملوا جاهدين كي يُخرجوا مفهوم (فهم الآخر) من معناه النظري العقيم إلى شكله التطبيقي الملموس والمؤثر في جيلنا الذي يسكن القرية الكوكبية ويتطلع بنهم لسبر أغوار الظواهر الحياتية وعلى رأسها الظواهر الدينية العالمية ليتعرف عليها بجدية ووضوح، الأمر الذي يَفرِش الأرضية المناسبة لحياة الإنسان في هذا العالم شديد التعقيد والتداخل وَسَطَ بيئةٍ تحترم النزعات الإنسانية المختلفة دينياً، وذلك نحوَ بلورةِ مفهومٍ جديدٍ للتحضر والتعايش الإنساني العالمي.

خولة مرتضوي
إعلامية وباحثة أكاديمية في مجال الإعلام الجديد ومقارنة الأديان
khawlamortazawi@gmail.com


بواسطة : خولة مرتضوي
 0  0  1485
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 05:55 صباحًا السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024.