• ×

08:57 مساءً , الخميس 16 شوال 1445 / 25 أبريل 2024

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


نَظرَة على واقِع المَرأة في الدِيانَة المَسيحيَّة

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 الكاتبة خولة مرتضوي
الكاتبة خولة مرتضوي

يُعتبر الدين من وسائل الضبط الاجتماعي لسلوك الأفراد والجماعات المختلفة، وذلك لما له من دور كبير ومؤثر في حياتهم الاجتماعية بشكلٍ عام، فهو مصدر الأعراف والقوانين والقواعد والأخلاق في حياتهم، وتعكس الأسفار اليهودية والتعاليم المسيحية المتعلقة بالمرأة صورة مجتمع أبوي متعصب للذكورة، ويحمل نظرةً وضيعة للمرأة ويمارس سلطته الذكورية عليها، فهم يتداولون في كل حين قصة انصياع حواء للحية وغوايتها ووقوعها في الخطيئة جاعلين منها رمزاً للإغواء والخطايا الأمر الذي أكد صورتها النمطية على هذا النحو على امتداد الزمن، يقول الأب أنطوان مصلح: (المرأة المسيحية تعيش بعض ظروف التخلف، فذلك لكونها تعيش في مجتمع ذكري، لـه نظمه الاجتماعية وفكره الديني، وإذا كان هناك محاولات واعية للخروج من هذه الظروف، فهناك أيضا محاولات غير واعية تنبع من جهل المرأة لنفسها ولمكانتها).
إن قصة الخلق التوراتية ارتبطت بالكثير من المفاهيم المغلوطة التي تمّ الترويج لها قديماً وحديثاً من قبل الباحثين والمفكرين وحتى رجال الدين فصوّروا المرأة على أنها الضحية، فهم لم يتفكروا في حقيقة الأمر بقصة الخلق التي وردت في نصوص العهد القديم والتي تشير إلى أنّ الله أكمل الرجل بالمرأة وجعلها ونِيسَتَهُ وعونه في الحياة الدُنيا، وعن ذلك يقول البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم: (إنَّ الله عندما خلق الإنسان، ذكراً وأنثى، على صورته، يعني أنّ آدم خليقة الله، وحواء أيضا خليقة الله).
ورُغم هذا الفهم لقصة الخلق، إلا أنّ الأفكار التوراتية ذات المفاهيم المغلوطة عن تلك القصة ما لبثت أن نفذت إلى اللاهوت المسيحي خاصة وأن الديانتين اليهودية والمسيحية نشأتا في مرحلة زمنية وظروف اجتماعية متقاربة نسبياً، وبناءاً عليه قامت الكثير من الكنائس المسيحية بإدانة المرأة وجعلتها حاملة لوزر خروج آدم من الجنة وسقوطه في الخطيئة التي أدت به إلى ذلك، فهذه الإدانة تنافي تماماً ما جاء في قصة الخلق فهي تعكس التحيز الذكوري التام ضد المرأة ومفاده التقليل من قابلية الرجل بشكلٍ عام للخطيئة.
إن التدخُل البَشري في اليهودية والمسيحية حدا بالكثير من المفكرين إلى إطلاق صفة الديانة الذكورية عليهما، ونجد أنَّ مُعظم الباحثين في مجال وضع المرأة المسيحية يرّودن هذا الموقف الكنسي إلى مقولة القديس بولس التي استمدها من التوراة وجاء فيها: (آدم جبل أولاً ثمَّ حواء، وآدم لم يُغو لكن المرأة أُغْوِيتْ فحصلت في التعدي).
إنَّ رجال الدين المسيحي قاموا بإدخال الكثير من آرائهم وتفسيراتهم الشخصية التي ألزموا الناس بها، وكان من بين هذه الأمور التي تمّ إدخالها عددٌ كبيرٌ من المقولات التي نالت من المرأة وأدت فيما أدت إلى تغيير المفاهيم الدينية المتعلقة بها.
نجد أن القديس بولس الذي يعتبره النصارى مؤسس المسيحية هو وعيسى عليه السلام حيث يقولُ في وصيته لأهل تيموثاوس: أعتقد أن حَوَّاء هي التي أخطأت أوّلًا، ثم أغوت آدم فانقاد وراءها وأخطأ ثانيًا ، ويقول كذلك: "لِتَصْمُتْ نساؤكم في الكنائس؛ لأنه ليس مأذونًا لهن أن يتكلمن بل يخضعن".
كما ويجد أودو الكلني أحد رجال الكنيسة في القرن الثاني عشر الميلادي أنّ مُعَانقة امرأة تعنى مُعانقة كيس من الزبالة ، وقد جاء في الموسوعة البريطانية في مقال سفر الأمثال أنّ في هذا السِّفْر: "نقطة مهمة، وهى أنّ النصائح بالتزام العفة موجّهة إلى الرجال فقط؛ فالرجل ينظر إليه كضحية، والمرأة كَمُغْوِيّة، لم تُحذِّر النِّساء البتّة من الرجال، أو من عموم إغراءات المجتمع.
ويَجْدُرُ بي ذِكْر العبارة، كما وردت في الموسوعة:
A point of interest is that the exhortations to chastity are addressed to men only; the man is regarded as the victim, the woman as the temptress – women are never warned against men or against the general seductions of society.
ويُعبر د.أدريان ثاتشر- أستاذ الدراسات الدينية- عن نظرة الكنيسة للمرأة، فيقول: "لقد بذل العالم الغربي الكثير في القرن الأخير ليتجاوز احتقاره للنساء، لكنّ هذا الاحتقار لا يزال ثابتًا في الكنيسة".
إذن النصرانية لم تكن -تاريخيًا- في صفّ النساء؛ إذ كانت المرأة في كثير من الأحايين لا قيمة لها ولا وزن، كما كانت تحتل مكانة سيئة في المجتمع. وظل هذا الأمر ملازمًا للمسيحية منذ السنين الأولى -بعد المسيح وحوارييه- وحتى يومنا هذا.
كما كان للزوج -في أوروبّا الحديثة- الحقّ في بيع زوجته، وقد حدّد ثمن الزوجة بستّ بنات، وكان معمولًا بهذا القانون في إنجلترا حتى عام 1805م، وقد حرّم هنري الثامن- ملك انجلترا- على الإنجليزيات قراءة الكتاب المقدس، وظلت نساء إنجلترا حتى عام 1850م غير معدودات من المواطنين، وحتى عام 1882م ليس لهنّ أي حقوق شخصية، أو حقّ في التملك الخاصّ.
كما وأجازوا ضرب المرأة فقد قدم أوغسطن في اعترافاته: لما أتى بعض صديقات أم القديسة (مونيك) يشكون إليها ضرب أزواجهن لهن فبدلاً من أن ترق لهن وجدت ذلك أمرا طبيعيا وحكمت عليهن بأنهن استحققن هذا التأديب بردهن في وجه بعولتهن أو بقلة احترامهن لهم، وجاء من بعده الفلاسفة الذين وصموا المرأة بأنها نكبة أنحس من الأفعى فسموها منبع الشر وأصلُ الخطيئة (وحُجر القبر) وبابُ جهنم ومآل التعاسة.
وفي القرن الخامس الميلادي اجتمع مجمع ماكون الكنسي للبحث في مسألة هل المرأة مجرد جسم لا روح فيه؟ وبعد البحث قرر المجمع: أنها خُلوٌ من الروح الناجية من عذاب جهنم، كما وعقد الفرنسيون في عام 1958م مؤتمرًا قرروا فيه أنها "إنسان خُلِق لخدمة الرجل فحسب". وبعد الثورة الفرنسية وإلى اليوم لا يُسْمَح للمتزوجة بالتصرفات المالية إلا بإذن زوجها، ولا يزال أجر المرأة على عملها إلى اليوم أقلّ من أجر الرجل، كما تفقد اسمها وحريتها بمجرد الزواج، وظلّت إلى القرن التاسع عشر محرومة كذلك من التعليم.
يقول الأب أنطوان مصلح: (قد تخلت معظم النساء المسيحيات عن الاحتشام في لباسهن، مرة بحجة عدم فرضه في الإنجيل، وتارة باسم الحرية والتحرر والرغبة بالانعتاق من القيود، وهذا يعود إلى جهلهن، وعدم معرفتهن الواعية لذواتهن)، فاليوم تدعو الكثير من الأصوات المنادية في كافة الكنائس المسيحية إلى محاولة قراءة النصوص المقدسة قراءةً تمحيصية للتفريق بين ما هو وحي إلهي وبين ما عَلِقَ بِهِ من شوائب التدخلات والتصورات البشرية، وذلك بحثاً عن الرؤية الإيمانية الحقيقية لدور المرأة ونفض كل مظاهر الإجحاف بحقها والتي علقت بها بسبب كُل ما ألحقه جماعات رجال الدين عبر التاريخ المسيحي.

خولة مرتضوي
كاتبة وباحثة أكاديمية في مجال مقارنة الأديان
khawlamortazawi@gmail.com


بواسطة : خولة مرتضوي
 0  0  1706
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 08:57 مساءً الخميس 16 شوال 1445 / 25 أبريل 2024.