خَلقَ الله الإنسان وصممه تصميماً عالياً جداً يؤهلهُ للبقاء رغم كل الظروف التي ستمر بهذا الكوكب ، وزوده باستراتيجياتٍ ذكية جداً وقويةٍ للغاية للبقاء , وكذلك فعلَ - سبحانه وتعالى - مع الجمل , فالجمل باقٍ مع الإنسان حتى تقوم الساعة , جاء في الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : .. ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه .. ) ..,

ولكنني هنا لن أتحدث عن البقاء كبقاء جنس أو نوع أو فصيلة , بل سأتحدث هنا عن البقاء الذي لايكون حقاً إلا للأقوى !! وللبقاء في هذه الدنيا والتي تزداد شراسة ووحشية وهمجية وغباءً يوماً بعد يوم - ولست أرتدي نظارة سوداء ولاأنظرُ لنصف الكوب الفارغ , ولكن هذه هي الحقيقة للأسف - للبقاء في هذه الدنيا هناك طريقان لاثالث لهما , إما أن تُقاتلَ لتُحافظَ على إنسانيتك ولاتستسلم لدوافع وضغوط ورغبات تدفعك دفعاً نحو الحيوانية والظلم والظلام .., والتي قد تُحقق من خلالها مكاسب زائفة ومؤقتة فتقضم الحياةُ منك كل يوم قضمةً حتى لايبقى منك إلا مجموعة غرائز حيوانية مجنونة ..!!

أو أن تتبع الطريق الثاني والذي يتبعه بعض البشر - إن صحت تلك التسمية عليهم - في محاولاتهم المضنية للبقاء ولو كان بقاءً حيوانياً همجياً لانور فيه ولاحب ولاسلام ..!! وللطريق الثاني استراتيجيات سأورد بعضها - بعد كريم إذنكم - حتى تراقب نفسك فإذا ماوجدت أن فيك منها شيء راجعتَ نفسك وعدت لإنسانيتك وأنقذت نفسك ..

** الاستراتيجية الأولى : تخلص من قلبك , ( أجره ) , ألغه, غير برمجته, أجعله لتنقية الدم فقط , لاتستخدمه , لاتعره أي اهتمام !! فإن أردت البقاء حقاً فتخلص منه فأنتَ لو فكرت لوجدت أن معظم مشاكلك وهمومك بسببه ..!! فلماذا أحمل ماسوف يقضي عليَّ ولامحالة ؟!!

**الاستراتيجية الثانية : الغ عقلك , أوقفه, لاتستخدمه إلا في مصلحتك الشخصية فقط أما في غيرها ( فسوي نفسك أهبل ولاتفهم وعبييييييط ودلخ ومتخلف وغبي واللي يكلمك ويتناقش معاك خليه يتكلم يتكلم يتكلم واسكت فتره كأنك تفكر وبعدين طالع فيه بنظرة هبله وافتح فمك وقول له بكل بلاهة : هاااااااااااااا​اااااا)

** الاستراتيجية الثالثة : لاتقرأ لاتقرأ لاتقرأ لاتتثقف لاتطور نفسك إلا إن كان ذلك يصب في منفعتك الذاتية ومصلحتك الشخصية وحسب , وإذا ما كنت في مجمع ثقافي أو كنت كاتباً فتستر خلف مايعتقده البعض رمزية !! واستر جهلك بمجموعة من الألفاظ الرنانة القوية ذات الجرس القوي والوقع المؤثر على النفوس ولكن دون ترابط ولاتنسيق ولاتنظيم ، وسيعتقد بعض الناس أنك تستخدم الرمزية في كلامك وماعلموا أنك لاتستخدم الكلام أساساً !! وفي أي نقاش ( استلمهم ) : إن البعد المنطلق من الميتافزيقية الخاص بمنحدرات النفس القائمة على الانبثاق اللولبي المنشق من تعاريب الوجه في سكنات الخمود ألا فكروشي والمؤيد بتوجه كامل نحو محاور البغبيلق على منحدرات ........إلخ

** الاستراتيجية الرابعة : إذا شغلت منصباً ما أو توليت أمراً ما يحتاج لينجح إلى تطوير ومرونة فكن قفلاً صدئاً لايفتحه مليون مفتاح !!! وعارض الأفكار الجديدة والتقنيات الحديثة !! إلا إن كانت تصب في مصلحتك الشخصية ..!!

** الاستراتيجية الخامسة: كن أسداً هصوراً - وسي السيد - وعنترة بن شداد العبسي والزير سالم على من تأمن شره وتتأكد أنه لايستطيع أن يفعل لك شيئاً كالزوجة والأبناء والخدم والفقراء والضعفاء وموظفيك الذين وقعوا في قبضة إدارتك ...

**الاستراتيجية السادسة : كن فاراً مع الأقوياء وأصحاب السلطة والقدرة والتمكن ، ولاتقترب منهم ولاتغضبهم وإذا ماجلست معهم فكلما قالوا شيئاً هز رأسك علامة الفهم والموافقة وارسم على محياك علامات الاعجاب والدهشة والخضوع والاستسلام ..!!

** الاستراتيجية السابعة: تدخل في كل شيء ، كن حاد السمع والبصر , تلقط الأخبار وتسقط المعلومات , استخدم أسرارك الصغيرة مع البعض لاصطياد أسرارهم الكبيرة .., ( يعني دخل خشمك - وفي رواية خشتك - في كل شي ) ..!!!

** الاستراتيجية الثامنة : أياً كان ماتراه من أخطاء أو تجاوزات فمر عليها مرور الكرام فلا ترى ولاتسمع ولاتتكلم إلا إذا كان الحديث عنها وكشفها يحقق مصلحتك الشخصية أو كان لك فيه منفعة ( نظام يافيها ياأخفيها ) !!!!!

** الاستراتيجية التاسعة : تلونْ , تشكلْ , تغيرْ , تبدلْ .., كن -كما يقولون - مرناً , خذ شكل أي إناء توضع فيه , اظهر بأي مظهر ينفعك الظهور به !!! مطوع ، ليبرالي ..!!!

** الاستراتيجية العاشرة : إذا ماصادف وأن أحرجك أي شخص بطلب ما - وكذا مهامك الوظيفية - فمايحتاج منك ساعة لإنجازه انجزه في يوم , ومايحتاج يوماً انجزه في شهر , ومايحتاج شهراً فدع ورثة المرحوم يكملون الانتظار !! وفر طاقتك وجهدك لما ينفعك وماينفعك وفقط ....

** الاستراتيجية الحادية عشر: كن كالبرق في قضاء منافعك ومصالحك الشخصية والخاصة ، قدمها على كل شيء وعلى كل أحد !!

** الاستراتيجية الثانية عشر : احشر نفسك في كل شيء ، فما من شيء في الكون لايصلحُ لك , فكل ماهو موجود على الوجود اعتبره ملكاً خالصاً لك !! افرض مواهبك وإبداعك على الجميع , شارك في كل الأحاديث ، لاتخش أن يقال عنك أنك لاتجيد كذا أو كذا ، وكن معتقداً أن كل الناس مجرد مجموعة من الحاسدين الحاقدين الجهلة عديمي الذوق قليلي الفهم وأنت أنت لوحدك من لديه كل كل الذوق وكل كل الفهم !!!

** الاستراتيجية الثالثة عشر : خالف تُعرف , أضرب بعرض الحائط كل القوانين والمبادئ والمُثل والقيم والاعتبارات إلا إذا كان في الالتزام بها منفعة شخصية لك أو خشيت العقوبة ..!!

**الاستراتيجية الرابعة عشر : لاتنتظر دورك وزاحم وقاتل على كل شيء , بدءً من طابور صغير أمام محاسب متجرٍ ما إلى الفرص التي تتاح لك ، حتى وإن لم تكن لك وحتى وإن لم تكن على مقاسك !!!

** الاستراتيجية الخامسة عشر : لاتتأفف من شيء لاتترفع عن شيء , ما أتاك فخذه وحتى وإن لم يأتك فخذه ولاتلفت لخزعبلات عزة النفس وتفاهات الكرامة والأنفة وأشباهها من الترهات المهلكة !!

** الاستراتيجية السادسة عشر : كن بقلب سارق وإن لم تسرق !! اسرق جهد الآخرين وانسبه لنفسك , اسرق النظرة , اسرق حتى الحب , اسرق كل مايقع ومالايقع تحت يدك ولو بقلبك فقط !!

**الاستراتيجية السابعة عشر : لاتترك خلفك شيئاً , وإذا مادُعيت إلى أمرٍ مجاني كالطعام - مثلاً - فلتدخله وكأنك داخلٌ معركة وفي نيتك ألا تترك خلفك جرحى , وكُل أكل مودع .., مالاتملكه لاتحافظ عليه (مال ماهو مالك جره على الشوك) (البلاش كثر منه ولو يضرك) ماليس لك استهلكه استنفده ، حتى ولو كان حب قلبٍ وثق بك ..!!


ولكن - وصدقاً - من اختار الطريق الثاني باستراتيجياته المؤذية , فهو حقاً قد فقد جزءاً من إنسانيته , وماضٍ نحو فقد ماتبقى منها , وهو سيبقى فعلاً , ولكن سيبقى مُجرد شيء فلا إحساس ولاشعور ولاإنسانية ..!!

أ.أحمد النجار
مستشار نفسي واجتماعي
تويتر 3h_live@