• ×

07:16 مساءً , الخميس 18 رمضان 1445 / 28 مارس 2024

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


أنا جحا ماذا عنكم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بقلم / كامل بدوي

لو سألتكم: هل منكم من يريد أن يكون مثل جحا في حياته؟ أنتم أمام إحدى اثنتين، إما أنكم تعرفون جحا وإما أنكم لا تعرفونه ولا حلول أخرى.

إن كنتم ممن لا يعرفونه فربما ستكونون من الجيل الجديد وهذ أمر أعتقده جازماً فقد غاب عنهم كثير من ماضينا كما غاب عنا كثير من حاضرهم ، وإن كنتم تعرفونه فسيتبادر إلى الأذهان تلك الصورة التي رسخت لدينا أن جحا شخصية مضحكة، تتصرف بغرابة، ولها من المواقف الغريبة الكثير، يقترن ذكر جحا بذكر حماره معه، هذا ما ثبت في أذهان من عرفوه ومن سمعوا به وعاشوا على حكاياته ونوادره.

لم يقتصر الأمر على العرب، ففي معظم الثقافات هناك جحا، تشابه واضح بينما يقال عنه هنا وما يقال عنه هناك، ومواقفه وردود أفعاله قريبة من بعضها البعض وقد تكون متطابقة في كثير من الأحيان. كل الثقافات اختلقت جحا الخاص بها، فالرأي حوله قد اختلف، فمنهم من قال إنه حقيقة وإنه فلان ابن فلان، ومنهم من قال إنه شخصية مختلقة، بالنسبة لي أرى أنه نموذج أطلق لنروي من خلاله ما نريد، ونوصل من خلاله رسائل معينة، جميعنا كبشر نفعل ذلك، نختلق القصص والشخصيات في محاولة منا لإرضاء ذاتنا وقبول ما صعب علينا إدراكه وفهمه، أو كمحاولة منا لإثبات أمر ما.

نفعل ذلك عادة فكم من القصص التي اختلقناها على مر العصور وكم من الشخصيات التي بنيناها وجعلناها أمرا واقعا نعيشه، جحا ليس نكتة تروى أو شخصية هزلية كما يرى الكثيرون، لو كان الأمر كذلك لانتهى مع ملايين الأشياء التي انتهت ولنسينا شخصيته مع ملايين الشخصيات التي مرت بنا ونسيناها أو تناسيناها، هو شخصية غريبة في كل شيء، في حركاته وسكناته وردود أفعاله وأقواله، كل شيء بدون استثناء، من أجل ذلك عاش مئات السنين وعرفه العالم،.

واسمحوا لي أن أعود لسؤالى: من منكم يريد أن يكون جحا ؟ أعتقد أن الغالبية ستتفق في إجابة محددة مضمونها: نحن لا نريد أن نكون جحا بأي شكل من الأشكال ولا بأي حال من الأحوال، لا ألوم من اختار تلك الإجابة، فقد يعتقد البعض أنني أريد منهم أن يكونوا مضحكين ومثار سخرية للآخرين، أنا لا أقصد ذلك أبداً فأنتم عالون المقام، ومكانتكم محفوظة ولكم مني كل تقدير واحترام، أنا لا أطلب من أحد أن يكون نسخة من جحا فأنا شخصياً أعترض على بعض مواقفه وردود أفعاله أو بعض أقواله، على سبيل المثال الرد الذي قاله عندما أراد أحدهم أن يسخر منه عندما رآه مع حماره قائلاً له: يا جحا، لم أعرفك إلا بحمارك، فما كان من جحا إلا أن يرد: هذا مؤكد فالحمير تعرف بعضها، ليس هذا ما أريد؛ ولكنني أريد أن نكون جحا كما وصفته سابقاً (غريب في كل شيء).

ولعلكم تتساءلون عن سبب سؤالي وما هو مبتغاي من الموضوع؟ حسناً . لو فكرنا جلياً في حياتنا سنجد أن غالبيتنا إن لم نكن جميعناً نعيش في ما أسميه (النمطية)، نعم نحن نمطيون في كل شيء، لعلنا قد (تقولبنا) بأشكال معينة لا نميد عنها ولا نحيد، قد نسميها العادات أو التقاليد أو التعود أو الروتين أو الثقافة الخاصة بنا أو هذا ما وجدنا عليه أباءنا ... عندما نطلب من أحدهم التغيير سيتعجب ويستغرب ويستصعب الأمر وقد يحاول التغيير على مضض، وعندما نشاهد من يفعل شيئاً غريباً نتعجب ونستغرب ولا نستسيغ ذلك بل وقد ننكر ذلك عليه، هذا هو حالنا دوماً إلا القلة منا.

معظمنا لا يفكر بشكل مختلف أو كما يطلقون عليه:"التفكير خارج الصندوق"، أو التغريد خارج السرب أو إننا لا نريد أن نخرج عن سياسة القطيع التي تعودنا عليها وقتلت كل طموح لدينا لدرجة أننا أقنعنا أنفسنا بتلك السياسة وقلنا في ذلك الحكم والأمثال. ففي الخليج العربي يقولون:مع القوم يا شقرة، والموت مع الجماعة رحمة ... هراء نقوله ونصدقه، هنا يأتي جحا بمواقفه الغريبة وتصرفاته التي نراها عجيبة، الأمر الذي يبدوا ظاهره مضحكاً إلا أن باطنه حكمة وغاية أو هكذا أراه أنا، هو محب للتجربة والتجربة منبع الإبداع، ضحكنا عليه عندما ركب حماره بالمقلوب، أما الآن فيفعل ذلك الفرسان لإثبات قدرتهم على ركوب الخيل، التجربة مهمة ولا بد لنا من أن نجرب، هكذا نكتسب المعارف وهكذا نبدع، لا شيء بدون تجربة، ولنختصر مسمى التجربة بالحرف (ج).

الحب أيضاً مهم فبدون الحب لا حياة ولا أمل ولا عطاء، كل الديانات تدعوا للحب، الحب سر من أسرار الوجود، الحب موجود في كل شيء ، وكل شيء يدعونا لأن نحب ، لابد أن نحب ما نعمل وأن نعمل فيما نحب هذه قاعدة، جميعنا عشنا الحب بحالاته ودرجاته المختلفة فهناك الحب والشجن والغرام والود والسهد والعشق والهيام.

ولنختصر الحب أيضاً بالحرف (ح)، ثم يأتي الإتقان، الإتقان هو المفتاح السحري ، لابد لنا أن نتقن، ولا بد لنا من الحرص على ذلك، وقد أوصانا بذلك رسول الله -ليه صلاة الله وتسليمه- في قوله: إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.

الأن لنختصر الإتقان بالحرف (أ) ، حسناً . دعونا الآن نسترجع ما اختصرناه (تجربة =ج ، حب = ح ، إتقان = أ ) ، ولنخرج بالمعادلة الحياتية من ذلك كما يلي : تجربة حب إتقان = إعمار وابداع وابتكار وإنجاز ولنختزل أو نختصر هذه المعادلة فيما يلي: ج ح أ = إيجابيات أو جحا = إيجابيات نعم حجا تعني الإيجابية التي تحمل كل شيء، هناك السلبي أيضاً ولكننا لا نريد التحدث عن السلبية فلا بد لنا من النظر دوماً إلى الإيجابيات، علينا في كل حياتنا أن نجرب وأن نحب وأن نتقن، علينا أن نفعلها مجتمعة لأننا لو فقدنا أحداها سنفقد الكثير وسنجد أننا بترنا كل شيء ، ولكم تجربة ذلك.

فلا إتقان بدون حب والحب يأتي بالتجربة وهكذا ... هي مكملة لبعضها البعض لا غنى عن إحداها، ولنا أن نجرب تلك المعادلة في حياتنا لنعرف ما قيمة ذلك وما مدى الاستفادة من (جحا) ، الأمر ليس هوى نفس أو هراء أطرحه عليكم، هو نتاج تجارب وحب وإتقان، أنا أفعل ذلك وأنتم أيضاً تفعلونه في بعض الأمور، ولكنني قررت ألا أكتفى بالبعض فلما لا أكسب الكل طالما أن بمقدوري ذلك، ولما اسأل الله الجنة وأنا أستطيع أن اسأله الفردوس الأعلى وهو مجيب الدعاء.

أعود لسؤالي وأتمنى أن تجيبوني عليه: من منكم يريد أن يكون جحا؟ أعتقد أن الاجابة واضحة ولا مجال للتفكير.



بواسطة : كامل بدوي
 0  0  1098
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 07:16 مساءً الخميس 18 رمضان 1445 / 28 مارس 2024.