• ×

03:54 صباحًا , السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


الخلاص والبهاغافاد غيتا!

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 الكاتبة: خولة مرتضوي
الكاتبة: خولة مرتضوي


يقول المستشرق الألماني ماكس مولر لو سُئلت في أي ارض من هذه الدنيا قام العقل الإنساني بأعمق تأملاته حول أهم مسائل الحياة، سواءاً التي وجدوا لها حلولا أم لا؟ لوُجب علي أن أشير إلى الهند، هذا البلد الزاخر بالأفكار الفلسفية والأخلاقية حول الوجود والقيم والتي بزغت أولاها في الديانة الهندوسية.
تبحث الهندوسية في الدوافع والرغبات والأهداف الإنسانية فتقول إن الإنسان يبحث عن أمور أربعة هي: اللذة، والنجاح الدنيوي، والأداء المسؤول للواجب، والتحرر، ولدى دراسة هذه الأمور لوحظ أن الهندوسية تقيم كل واحدة منها بمعايير الخير والشر، ولا تُنكر احداها على الإنسان، لأن الإنسان بطبعه يميل إليها، ولكنها تؤمن بأن الإنسان الخير يصل اليها بأسلوب أخلاقي، والإنسان الشرير يصل إليها بأساليب غير أخلاقية واللذة في الهندوسية تؤمن بأن العالم به إمكانيات ضخمة للمتعة، انه عالم زاخر بالجمال مليء بما يُمتع حواسنا وأنه لا يمكن إتباع أي نزوة أو شهوة دون التعرض للقصاص إذا كانت محرمة، فالإنسان يبحث عن الجاه والشهرة والمركز والسُلطة لأن النجاح الدنيوي انجاز اجتماعي متداخل بشكل كبير مع حياة الآخرين. وتبرُز الأخلاقيات في الطريق الذي يوصلنا لهذه الأهداف، ويبدأ الدين في الهندوسية عندما يبحث الإنسان عن معنى وقيمة وراء ذاته الفردية الخاصة أي عندما يتخلى عن دعوى (الأنا) لديه، وينقل ولاءه للبشرية ككل ويعطي متطلباتها الأولوية قبل متطلباتنا، أي حب الآخرين والتمتع بأخلاقيات الأيمان معهم.
إن مفهوم الخلاص لا يظهر جلياً في الديانة الهندوسية، إذ تعتبر الموكشا Moksha الانعتاق من الكينونة اللا متناهية والأنانية وتحقيق الذات النهائي للحقيقة هدف الوجود، وتعدّ اليوغا والتأمل (لاسيما الراجا يوغا raja-yoga التي يعلّمها غورو guru (معلّم ومرشد ديني) الطريق الوحيد لبلوغ الموكشا، وأما الطرق الفعالة الأخرى للوصول إلى تلك الأخيرة هي: طريق الأفعال (كارما مارغاkarma marga (، وطريق المعرفة (جنانا مارغاjnana marga (، أو طريق المحبة والتفاني (بهاكتي مارغا) bhakti marga وفي آخر الأمر، يأمل الهندوس في أن ينجوا من دورة التناسخ، وهم يؤمنون أن وهم الوجود الشخصي سينتهي وسيصبحون واحداً مع الله غير الشخصي.
إن اليوغا في سياق البهاغافاد غيتا يصف البصيرة، صفاء الذهن، المهارة في العمل، القدرة على جعل الذات الفردية تتثبت في الذات الكونية أو الكليّة، ويرى كريشنا، أن أصل كل المعاناة العقلية هي بسبب أن الرغبات أنانية، وأن السبيل الوحيد لإخماد الرغبات هو تسكين العقل من خلال الانضباط الذاتي وإشراكه في أعلى شكل من أشكال النشاط في آنٍ معاً، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال اليوغا عن طريق التأمل والعمل، والتفاني والمعرفة.
إن كريشنا يلخص اليوغا – الخلاص من خلال الثمانية عشر فصلاً في البهاغافاد غيتا، وقد ركز الباحثون على أربع مسارات أو طرق هي:
❖ بهاكتى يوغا
❖ كارما يوغا
❖ جنانا يوغا
❖ راجا يوغا

• وفيما يلي تفنيد مختزل لكلٍ منها بحسب زعم أهلها:

أولا: يوغا المحبة (بهاكتى يوغا)
الـ (بهاكتي يوغا) تمتاز بأن أتباعها هم الأكثر من بين اليوغات الموجودة في الديانة الهندوسية، وهي تشير إلىأنَّ الأشخاص الذين يعني الحب لهم أكثر مما يعنيه العقل أو الفكر يكونونَ تصوراً مختلفاً لعدد من الاعتبارات منها؛ أن الحب في الحالة السليمة عاطفة متجهة خارج الذات، وان البهاكتي (أي العاشق المنقطع إلى الله) يرفض كل اقتراح يجعله هو نفسه الله الذي يحبه، وعبر عن ذلك أحد النُساك الهنود عندما قال (أريد أن أتذوق السكر لا أن أكون السكر نفسه) من هذا الإدراك لغيرية الله سيختلف هدف البهاكتي(متبع يوغا الحب والتبتل إلى الله) عن هدف (الجناني) متبع يوغا المعرفة فالأول هدفه عبادة الله والتفاني في خدمته بكل ذرات كيانه لا الشعور بالتوحد معه، ونوع المعرفة المطلوبة بالله، هي الصداقة والحب والود بأرفع معانيها المتصور،وفي هذا السياق فان شخصانية الله ضرورة حتمية لا غنى عنها، وهي أبعد ما تكون عن ايجاد حد لله المطلق.
وكل ما علينا فعله في اليوغا أن نحب الله حبا جما، لا مجرد أن نقول بلساننا أننا نحب الله، بل نحبه حقا، ونحبه وحده، ولا نحب شيئا غيره إلا لأجله ونحبه لذاته لا لغرض آخر أو هدف ابعد، أما كيف ينمى الحب لله في نفس الإنسان، فتكون من خلال إنكار الذات والتفاني في عبادته وهذه تدخلنا في عالم أساطير الهند ورموزها العظيمة فمئات التماثيل التي صُنعت وطقوسها لم تكن أهدافا بذاتها ولا شركا مع الله في نظرهم، بل هي وسائل تشُد قلب الإنسان وتقربه ممن تمثل، أي الله، وترى الهندوسية أن الإنسان إذا أراد أن يحب فعليه أن يستخدم جميع طاقات الحب المودعة في نفسه ليصل إلى كل أنواع الحب.

ثانيا: يوغا العمل (كارما يوغا)
كارما (لغة سنسكريتية) وتعني العمل أو الفعل، وهي مفهوم أخلاقي في المعتقدات الهندوسية والبوذية والجاينية والسيخية والطاوية، ويشير المصطلح إلى مبدأ السببية حيث النوايا والأفعال الفردية تؤثر على مستقبل الفرد، فحسن النية والعمل الخير يسهم في إيجاد الكارماالجيدة والسعادة في المستقبل، وفي المقابل النية السيئة والفعل السيئ يسهم في إيجاد الكارما السيئة والمعاناة في المستقبل، حيث ترتبط الكارما مع فكرة الولادة الجديدة في الديانات الهندية.
يُطلق لفظ كارما على الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها، إن أي عملٍ، خيِّرا كان أو شّرا، وأياً كان مصدره، فِعل، قول أو مجرد فكرة، لا بد أن تترتب عنه عواقب، ما دام قد نَتَج عن وعي وإدراك مسبوق، وتأخذ هذه العواقب شكل ثمارٍ تنمو، وبمجرد أن تنضج تسقط على صاحبها، فيكون جزائُه إما الثواب أو العِقاب، وقد تطول أو تقصر المدة التي تتطلبها عملية نضوج الثمار (أو عواقب الأعمال)، فالكارما هي قانون الثواب والعقاب المزروع في باطن الإنسان.
وتعرف أيضا بطريق الفعل الواجب، أعني بذلك قانون الفعل، أي أن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن الفرد يحصد ما يزرع، وقد لا تتحقق النتائج في الزمن القريب، ولكنها تصبح قريبة المنال في يوم ما، قريباً أو بعيداً، وعلى المُريد أن يسعى لتحقيق الواجب دون التعلق بنتائج الأعمال، وعليه أن يتجرد من التفكير في مكاسب أعماله، وأن يعمل غيرَ متوقعٍ مكافأةً لحسن صنيعه، عندئذٍ تكون أفعاله مجرد قرابين لصالح الجنس البشري، ومرضاة الخالق.
وبذلك يصبح كل عمل عادي وبسيط نوعاً من القربان والقربى للخالق، ويصبح الإنسان نشيطاً حيوياً، تخلو إنجازاته من القلق أو الطمع أو الأنانية، فأي عمل يقوم به يجد فيه السرور والسلام، فهو لا يتوقع شيئاً، ولا يرهب أحداً، ولا يعتمد على مخلوق، ويكون مليئاً بالسرور السرمدي الذي لا ينقضي وهذا النوع من اليوغا هو يوغا المؤمنين الخُلّص والعابدين.

ثالثا: طريق المعرفة (جناني يوغا)
وهي يوغا المعرفة وهي النمط الذي يتلاءم مع ذوي الاتجاهات الفكرية وهي الفرع الذي يفترض البحث الفلسفي وسيلة لبلوغ المرام، وهي تُمارس عن طريق الصمت والتأمل والتركيز، وعندما يبلغ الإنسان كامل المعرفة، فسيرى الأبدية في الأشياء التي تمر وتنقضي، ويتبين اللانهاية في الأشياء المحدودة، ويصبح شخصاً آخر، له فكر من نوع مختلف، ومثل عالية مغايرة لسواه من الناس، وغاية متميزة ومختلفة عن غاياتهم، لأنه قادر على التمييز بين صوت الروح النقي الصافي وبين أمواج فكر الدنيا التي تحيط به وتأتي ومضات الإشراق إلى الروح كلما ارتفعت مرتبتها، وتقدمت على الطريق، وقد تختفي تلك الومضات بعد ذلك ولكنها تترك أثرها وتكتسب الروح من إشراقها قوة لا تفارقها.
وممارس الجناني يوغا لا يرى نفسه معزولاً عن العالم الخارجي بل على العكس تماماً فهو يرى أن العالم كله هو نفسه ولا يخفى أن هذا النوع من اليوغا مختلفة بعض الشيء، فهي تستلزم استعدادات عقلية نادرة وجهود جبارة لا تكلّ وإرادة حازمة من أجل بلوغ مستوى الألوهة.

رابعا: اليوغا الملكية (راجا يوغا)
وتعرف باسم يوغا الإعجاز، وقد تم توضيحها في يوغاسوترا التي جمعها الفيلسوف الهندي (بتنجالى) في القرن الثاني قبل الميلاد واسماها «أستانجا يوغا»، أي الأطراف الثمانية، أو المراحل الثمانية، وهي تقوم على التحكم في العقل والتفكير أو هي وقف أمواج العقل، وتنبني على التركيز الشديد حتى يضيع الشعور بأجزاء معينة من جسم الإنسان، قد تصل إلى التحكم في نبضات العقل أو إجراء عملية جراحية في جزء من الجسم دون الشعور بالألم، ودون استخدام التخدير.

خولة مرتضوي
كاتبة وباحثة أكاديمية في حوار الأديان
Khawlamortazawi@gmil.com


بواسطة : خولة مرتضوي
 0  0  1894
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 03:54 صباحًا السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024.