عندما تفكر في مبلغ 400 ريال وماذا يمكن أن تفعل به؟؟ قد يخطر ببال البعض أنه مبلغ عشاء لعائلة صغيرة، أو ثمن تدفعه مقابل بدلة تشتريها أو ثوب جديد، وعندما يقرأ الموضوع أحد موظفي وزارة الصحة قد يعتقدني أتحدث عن أحد البدلات، لكنني أيها السيدات والسادة أتحدث هنا راتب لبعض من يعملون في الصيانة والتنظيف ومراسلين في بعض المستشفيات تحت شركات متعاقدة مع وزارة الصحة، 400 ريال فقط هي راتبه لشهر يعمل به بكد، مقابل أضعاف تدفعها الصحة مقابل هذا المسكين، لماذا لا تكون مهمة جلب العمالة ضمن الخدمات المساندة فيحصل العمال على راتب أفضل و توفر الصحة تكلفة التعاقد مع تلك الشركات وتعاملها السيء، وبذلك نؤمن للعامل بيئة صحية للعمل ونجنبه ضغط البحث عن عمل آخر خلال اليوم.
أخبرني صديقي المتغرب عن بلده ليعمل ضمن أحد هذه الشركات معانته والتي سأشارككم بما أستطيع منها، وقد بدأها لي ب (أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه) قالها بالإنجليزية و هو يقول أليس هذا البلد منبع وواجهة الإسلام؟!! فلماذا لا يعاملوننا بالتسامح و الإنسانية التي يدعو لها الدين الإسلامي ؟!! ثم استطرد في قصته قائلاً مرت 4 شهور لم نستلم بها رواتبنا من الشركة المتعاقدة، ولا نستطيع الشكوى فلو تكلمنا يفتعلوا لنا مشكلة و يرجعونا إلى ديارنا، ثم حكى لي كيف أن السكن الموفر لهم سيء جداً وتنقطع عنهم المياه والكهرباء لأيام متواصلة، و يضطر بعضهم للعودة مشياً على الأقدام لمسافة تتعدى ال 5 كم في حر الشمس(انتهى كلام صديقي)، لا رواتب ولا حياة مريحة ولا تعامل محترم وانساني من الشركة اتجاه هذه العمالة المتغربة بحثاً عن الرزق، وفي مقابل هذا نتأمل منهم الأمانة والإخلاص والإنجاز في العمل !! إضافة لهذا الراتب الزهيد الذي يجبرهم على البحث عن عمل آخر خلال اليوم، مما يجعلهم منهكين جسدياً ونفسياً فلا يقوموا بتقديم الخدمات المنوطة بهم على أكمل وجه، ويتم استنزاف طاقاتهم دون أي إنسانية تذكر، وفوق زهد الراتب وسوء المعيشة وغربتهم لا يتم صرف هذا الراتب المستحق في وقته، ولا يتم صرف التذاكر لهم خلال إجازاتهم في وقته، حتى جوازات السفر التي نصت الأنظمة على تسليمهم إياها ترفض الشركة اتباع النظام في ذلك، ولا يستطيعون الشكوى خوفاً من قطع إرزاقهم، يعمل ضمن هذه الشركة أكثر من 500 عامل ضمن مستشفى واحد فقط من المستشفيات التي تغطيها حسب العقود المبرمة مع الصحة، 500 شخص لم يستلموا رواتبهم لأكثر من أربعة شهور متتالية، يقومون بخدمة هذه المنشأة الصحية التي تخدم المرضى، فما هي الجودة المتوقعة منهم في مثل هذه الظروف ؟!
معالي وزير الصحة أخاطب ضميركم في النظر بشأن الشركات المتعاقدة سواء للعمالة أو الأمن أو غيرها من الموظفين، وطريقة الاختيار والتقييم فالكثير من المنشآت نسمع بها عن إضراب نتيجة لعدم صرف المستحقات من قبل الشركات المتعاقدة، والمتضرر من هذا هو المريض والمراجع الذي تتأثر جودة الخدمة المقدمة له، آمل منكم النظر لهذه العمالة بعيون الرحمة والإنسانية، فالله أنعم علينا لنكون باب رزقهم ووجهتهم لطلب المعيشة، فلنحسن إليهم كي يحسن الله إلينا حفظكم الله ورعاكم.

محمد السنان - جدة
كاتب مهتم بتطوير الخدمات الصحية والتوعية المجتمعية
@5rbshartsinan