لو تخيلنا أن الحياة فقط مجرد حيوانات دون بشر، و كانت نفس حكاياتنا هي حكاياتهم، و عشنا في قصصهم دون أن يستطيع أحد لومنا، و كل ما سأحكيه بهذه القصة خيالي، و أي تشابه مع الواقع مجرد صدفة، و أي شخص يرى الحكاية تشابه واقعه فليستر على نفسه، فالحياة بأكملها عبارة عن حكاية، نصدق ما نريد منها و نعيشها كما نريد.
كان في زمن قريب، و مكان ليس عنا بالغريب، غابات هي الدول التي تعيش بها الحيوانات، و كان هناك بطل حكايتنا السبع هشهش، و الذي ظهر فجأة وسط غابة في غرب البلاد، وظهر على أنه سبع يجيد تأهيل الحيوانات للصيد، وساند وجوده عدد من الديناصورات و الأسود، حتى أصبح مسئولاً عن التأهيل، اقصد طبعا تأهيل الحيوانات للصيد، و يعلمهم كيف يتقنون مهارات الصيد، و كان يعمل معه في التدريب عدد من النمور الماهرة، و لكن الحظ العاثر لها بأن المسئول عنهم لابد أن يكون سبع، هكذا قررت الديناصورات الضخمة، و في قانون تلك الغابة لا أحد يستطيع أن يعارض الديناصورات، وواصل السبع هشهش حياته في الغابة و لكن !! لاحظت النمور بأن هذا السبع لا يعلم شيء عن تأهيل الحيوانات للصيد، و أنه دائما يعطي التوجيهات العامة للنمور، و هو مجرد متابع لهم و مشاهد، و لاحظت بعض السباع الأخرى في الغابة ريبة من السبع هشهش، و كانت تشكك في قدراته التدريبية، و لكن كان جميع الحيوانات في الغابة تخشى الديناصورات المحبة له، فقد كان مقرباً من الديناصورات بشكل غريب، و لكن بعض النمور انتهى صبرها، و عزمت على جعل الحيوانات تثور بوجه الديناصورات لطرد السبع هشهش من الغابة، فبعد سنوات اكتشفت بأنه ليس سبعاً كما أدعى و إنما ضبع، و الغريب كيف استطاع هذا الضبع اقناع الجميع بأنه سبع ؟!! و هل الديناصورات العملاقة كانت تعلم بأنه ضبع؟!! كل هذه الحيرة جعلت النمور في حالة إحباط، و الحيوانات لم تعد مؤهلة للصيد، و بعد طول انتظار أجبرت الديناصورات على طرد السبع هشهش من الغابة، و غادر المسكين و عاد إلى حقيقته مع الضباع .
كم سبع هشهش يوجد لدينا في المملكة ؟!! هناك الكثير من الأطباء المزيفين، و المهندسين و المعلمين و في كل التخصصات، و كثير منهم انكشفت حقيقته و نشرت قصصهم، و لكن للأسف لا يزال هناك آخرين، يقتلوننا بجهلهم و تزويرهم، و يظل هناك من يعاونهم و يخفيهم تحت جناحيه، و أي خيانة لهذا الوطن أكبر من هذه، إن كل من يتستر على مجرم يعيث الفساد في المملكة، لا يستحق أن ينتمي لهذا الوطن مهما كانت أسبابه، و إن من يتغاضى عن المزيفين لا يستحق هذا الوطن، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، و كل من سكت عن طبيب مزيف، ألم يعلم أنه يوماً قد يصبح هو أو ابنه بين يديه فيقتله بجهله، و من تستر على مهندس مزيف ألم يعلم بأنه قد يبني بيتا و يسقط عليك أو على من تحب ؟! كل من يخدم شخصاً مزور و مزيف ألم يعلم بأن هذا الشخص يتلاعب بحياتي و حياتك و حياة الوطن .
معالي الوزراء كآفة، إن الشعب أمانة في أعناقكم سوف تسألون عنها، فكثفوا الأجهزة الرقابية و التقيمية، لكشف كل المزيفين الذين أفسدوا الوطن، و إعادة تقييم كل من يشك في مؤهلاته، سواء من الدول المجاورة أو الأجنبية، فكل من جلب و هو غير كفؤ، يكشف عن فساد أكبر، و عندما يكشف المرض يسهل علاجه، فلابد من محاسبة كل من ساندهم دون رحمة، فالمواطن قد عانى بما فيه الكفاية و كفى.


محمد السنان - جدة*
كاتب مهتم بالتوعية المجتمعية و تطوير الخدمات الصحية
5rbshatsinan@