بقلم : وردة حسين

يعتبر الصراع الدائم بين كل من اليورو والدولار من أشد الصراعات فى السوق العالمى , حيث أن العملتين لأقوى إقتصادين فى العالم , وكما هو الواضح أن أمريكا تضع نصب أعينها نجاح الوحدة الإقتصادية مع أوروبا وذلك لأن ظهور اليورو ضعيفا فى المجتمع الدولى لا يتماشى أبدا مع مصلحة أمريكا , وهذا الأمر ليس إلا الظاهر فقط , ولكن الأوروبيون يشككون فى هذا الأمر قلبا وقالبا وذلك لأنهم تعودوا من أمريكا على وضع العراقيل بقدر ما تستطيع لعدم إتمام الوحدة الأوروبية , ولعل من أهم الأسباب التى تضع الإتحاد الأوروبى فى حرج وبسبب أمريكا يرجع إلى السياسة النقدية التى تتبعها أمريكا بالوقت الحالى والتى تسببت فى الأزمات المالية التى يتعرض لها الإتحاد الأوروبى من أكثر من ثلاثين عاما وحتى الآن .
ويعتبر الدولار الأمريكى هو المحور الأساسى لحركة جميع العملات فى بورصة العملات الأجنبية , فالدولار هو العملة المتعارف عليها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لتسعير أغلب السلع مثل الذهب والنفط والنحاس والفضة وغيرها من السلع العالمية , وبالطبع فى هذه الحالة تكون العلاقة بين الدولار الأمريكى والسلع عكسية , فإذا إنخفضت أسعار السلع بفعل العرض والطلب إنخفضت القوة الشرائية للدولار , والعكس صحيح .
وكل متابع لبورصة العملات الأجنبية أو أسعار السلع يجد التأثر بالدولار الأمريكى دائم , وإذا سلطنا الضوء على واحد من أهم السلع العالمية والتى يتوقف عليها العديد من الإقتصادات العالمية وهو النفط ستجد المنافسة عالية عليه , وستلاحظ أيضا مدى تأثر النفط بالدولار الأمريكى بصفة خاصة وبالإقتصاد الأمريكى بصفة عامة , فعندما تزيد مخزونات النفط تقل أسعار برميل النفط , وعندما يقل المخزون النفطى لدى أمريكا يرتفع سعر برميل النفط بشكل جنونى .
وليس النفط فقط , ولكن الذهب له عامل كبير جدا فى التأثر بالدولار الأمريكى وكما نرى أسعار الذهب فى الآونة الأخيرة ومنذ ما يزيد عن العام وهى فى هبوط كبير جدا فى مقابل الدولار , وكل هذه الأمور متوقفة على العرض والطلب , وبالتالى يتغير سعرها صعودا وهبوطا مع الدولار الأمريكى , ولكن ما يميز الذهب أنه ليس مثل العملات الأجنبية فى التداول أبدا , فهو أقل مخاطرة من العملات بشكل كبير خصوصا بعد الأزمة التى كانت قائمة بين أمريكا وإيران حول مضيق هرمز والذى يسيطر على ثلث صادرات النفط المنقولة عن طريق البحر من دول الخليج العربى .
وتعتبر دول الخليج هم أكثر من يشترون الذهب فى العالم خصوصا بعد أزمة الديون الواقعة على كاهل اليونان والتى تشل حركة الإقتصاد بمنطقة اليورو بشكل كبير , والتى تعتبر أزمة بكل ما تحمل الكلمة من معانى حيث أجبرت العديد من الدول لبيع أصولها لتسيير أمورها الإقتصادية , ودفعت أيضا بعض الدول للإقتراض كما فعلت اليونان والتى لا تستطيع البدء فى سداد ديونها حتى الآن , بالإضافة إلى تغير حركة الدولار الأمريكى صعودا وهبوطا بشكل مفاجئ طبقا للأزمات والمشكلات السياسية التى تمر بها الدولة , فكل هذه المخاوف جعلت الخليج يلجأون للتداول على الذهب على إعتباره ملاذ آمن أكثر من العملات .
وهذا الأمر لا ينتهى عند السلع فقط , بل إن الدولار الأمريكى يتم مقارنته بسلة العملات , ولفظ سلة العملات يطلع على جميع العملات التى تواجه الدولار الأمريكى , فعلى سبيل المثال سعر اليورو مقترن بسعر الدولار الأمريكى فى زوج اليورو دولار , فإذا إنخفض الدولار الأمريكى إرتفع اليورو , وإذا إرتفع الدولار إنخفض اليورو.
كما تشير التوقعات من جانب آخر أن الدولار الأمريكى سوف يكون هو المسيطر على سلة العملات فى هذا العام بشكل ملحوظ جدا كما فعل العام الماضى , خصوصا مع الضعف العام فى الإقتصاد لأغلب دول العالم سواء فى الإتحاد الأوروبى أو اليابان أو إستراليا أو نيوزلاندا أو غيرهم , ولكن يظل الدولار الأمريكى فى الصدارة على كل هذه الدول ومن الواضح أننا بصدد حركة صعودية جديدة للدولار الأمريكى , وبالتالى سوف تلاقى حركة عكسية نحو الأسفل لسلة العملات كاملة وذلك على المدى المتوسط لعام 2015 وحتى الإغلاق السنوى , ومن أهم الأسباب التى تساعد على هذه التوقعات هو حالة الإنهاك الإقتصادى الذى يعيشه العالم الخارجى بالوقت الحالى والذى من الصعب أن ينتهى بالإيجابية بين يوم وليلة .
www.masarfx.com