محمد السنان

أصبحت المجتمعات الخليجية والعربية تعيش نظاماً مختلفاً في شهر رمضان كل عام، ولا يختلف مجتمعنا السعودي عن بقية هذه المجتمعات في تغيرات تطرأ عليه، من تغير أوقات النوم والعمل، تغير أوقات الوجبات لتصبح فطوراً وسحوراً، وتغيير حتى في نظام الخروج للنزهات وأوقات مشاهدة التلفاز، وأجواء أكثر عبادية في العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم، ومن أهم الأنظمة تغييراً في حياتنا هو النظام الصحي بشكل عام، والذي يشمل الرياضة و الحركة و الغذاء.
وللأسف أصبح المجتمع يعاني من هجوم ساحق على نظامه الصحي، وذلك من المسوقين لكل ما يمكن أن يؤثر عليه، على سبيل المثال لا الحصر تلك البرامج التلفزيونية التي تجعل الشخص جالساً لساعات متواصلة أمام التلفاز دون حركة، وهذا مما لا يخفى على الكل له تأثير على خدر الجسم، وجعله يعيش نمط من الكسل، ومع الوقت يؤثر على المفاصل مع الجلسة لفترات طويلة دون تحرك، وأيضا على العمود الفقري لجسم الإنسان، وبالتالي تقل ساعات المشي و الرياضة بسبب الإحتباس أمام التلفاز.
و الهجوم الذي لا يقل عنه خطورة ذلك الذي يسوق للمأكولات و المشروبات الضارة أو عديمة الفائدة، واغراء المجتمع بها وعمل العروض عليها بشكل مغري، والكثير من هذه المنتجات أثبت أضراره على الصحة بشكل عام وعلى صغار السن بشكل أكبر، وجعل المجتمع يعتاد على عادات ما أنزل الله بها من سلطان، فأصبحت السفرة لا تقل ايدامتها عن خمسة إلى عشرة أنواع من الأطعمة، وهذا لوحده كافياً لتدمير المعدة بشكل تدريجي.
أصبح عدد كبير من أبناء المجتمع يجعلون شهر رمضان فرصة للأكل ومشاهدة التلفاز، وهذا النظام يفسد الصحة بشكل كبير جدا، وشهر رمضان شهر الرحمة، قد نحوله إلى شهر يجلب لنا المرض بكثرة الأكل و الجلوس دون حركة أو رياضة، ودون مراعاة للنظام الغذائي للجسم.
فأمام كل هذا الهجوم على صحة الإنسان، لابد أن يكون هناك دفاع ذاتي من العائلة، ولكن لابد أن يكون هناك خط دفاع قوي عن الصحة متمثلاً في التوعية الصحية بوزارة الصحة، وإقامة الحملات التوعوية في شهر رمضان، وتفعيل برامج *تعزيز الصحة التي تدافع في نفس مواطن الهجوم، في المجمعات ومراكز التسوق، وفي الشاشات التلفزيونية و القنوات الإذاعية، ولابد أيضاً أن تشارك رعاية الشباب بوضع برامج رياضية، والمساهمة في التوعية بأهمية الرياضة لصحة الإنسان، وضوابط ممارسة الرياضة في شهر الصوم، وإقامة الفعاليات المحفزة لذلك، كل هذه الخطوط الدفاعية عن صحة الإنسان من شأنها الحفاظ على صحة المجتمع في شهر رمضان، ولنكون مصداقاً ل ( صوموا تصحوا ) .

محمد السنان - جدة*
كاتب مهتم بالتوعية المجتمعية و تطوير الخدمات الصحية
5rbshatsinan@