• ×

04:49 صباحًا , الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


يا السعودية .. ما يهزِّك ريح

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
image

من المقولات الشهيرة الراسخة في الأذهان للزعيم الفلسطيني الأبرز، الراحل ياسر عرفات، رحمه الله: (يا جبل.. ما يهزِّك ريح). والحقيقة يدرك كل من تابع سلوك الرجل وإدارته للُّعبة السياسية الأصعب في العالم ضد أشرس عدو مستعمر عرفه التاريخ، وأكثر الأعداء خبثاً ودهاءً وحظوة بدعم الغرب عموماً، لاسيَّما بدعم الدولة الأكثر قوة واقتصاداً، التي أصبحت اليوم تدير العالم كله تقريباً بعد انفراط عقد (الاتحاد السوفيتي).. أقول من تابع حياة أبو عمار في هذا الوحل الأصعب الأكثر تعقيداً في المواجهات ضد الاستعمار عبر التاريخ، لا شك يدرك أن تلك المقولة تعبر بوضوح عن صمود الرجل أمام كل تلك التحديات المعقدة، وإدارته للصراع حسب مقتضيات الحال.
فكان تارة شديد التمسك بمواقفه السياسية، مع إدراكه التام لما يمكن أن تجره عليه من مصائب ومصاعب لا قبل له بها؛ ويجنح تارة أخرى لمسك العصا من المنتصف؛ في حين كانت بعض مواقفه حادة لدرجة تدفعه نحو الهاوية، كما حدث معه إثر عودته إلى رام الله، وقضية الحصار الشهيرة التي قادته إلى الأردن ثم إلى فرنسا، ليعود منها في نعش.
وبصرف النظر عن اتفاق الناس معه أو اختلافهم، أحسب أن الجميع يدرك في قرارة نفسه أن أبو عمار كان رمانة ميزان إدارة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي؛ كما كان من جهة أخرى سدى القضية الفلسطينية ولحمتها لعقود، حتى مع تعدد الفصائل واختلاف المذاهب والمشارب، ونشاط الموساد المحموم الذي نجح بامتياز في تحويل بندقية الفلسطينيين من أجل تحرير أرضهم نحو صدورهم؛ إذ أكد أكثر من رئيس للموساد عبر برامج (قناة الفتنة) القطرية ووصيفتها قناة الـ (BBC - عربي)، أن عدد المتقدمين بطلبات للالتحاق بالعمل لدى الموساد من الفلسطينيين، يفوق حاجته لعيون له على قادتهم؛ وإلا فخبروني بربكم: كيف للعدو المحتل أن ينجح في اصطياد قادة النضال الفلسطيني ويتعقبهم عبر حارات غزة وأزقتها (زنقة.. زنقة) على رأي القذافي، بل تعقبهم حتى وراء البحار لتغيبهم واحداً إثر الآخر عن المشهد.
بل قل كيف نجح هذا العدو المحتل الشرس في تجييش الغرب ليقف في صفِّه، ضارباً بكل ما يتشدق به من حقوق الإنسان والعدالة ومناصرة الضعفاء المعذبين في الأرض عرض الحائط؛ بل قل كيف نجح العدو المحتل الشرس بدعم الغرب وإيران في دفع العرب ليوجهوا بنادقهم ضد بعضهم البعض من خلال كذبة (الربيع العربي)، الذي كنت أول من أطلق عليه وصف (الخريف العربي) في الصحافة العربية؛ بل أصفه اليوم بـ (الجحيم العربي).. تلك الكذبة التي لا تقل صفاقة عن كذبة (صفقة القرن)، التي وصلنا إليها اليوم إثر إعلان الثنائي (ترامب - نتنياهو) في البيت الأبيض، بعد أكثر من سبعين سنة ضيَّعها العرب في الجعجعة دون أن يرى أحد لهم طحيناً.
بل قل إن ما يُدْمِي القلب ويُؤْسَف له حقاً، أن كل من وزيرة الخارجية قوندليزا رايس وهلاري كلنتون السابقتين، قد أعلنتاها صراحة (فوضى خلاَّقة)، تجعل العرب يأكلون بعضهم البعض. فعمل الصهاينة والأمريكيون والإيرانيون مجتمعين بذكاء شديد، أو قل بتآمر وخبث منقطع النظير على استغلال السذَّج الجاهلين، وإطلاق يدهم للتفجير والخراب والتدمير، واصطناع (فزَّاعة الإرهاب)، ومن ثم تسويغ الطعم للعرب حتى حقق أعداؤنا أهدافهم في تشتيت صفنا، واختلاف كلمتنا، وتفريق جمعنا. فانطمست هوية دول عريقة، أصيلة الحضارة والتاريخ، كالعراق وسوريا واليمن؛ بل ما زالت نار (الجحيم العربي) تستعر في ليبيا، ولم يخمد لهيبها بعد في مصر وتونس.
أما السودان، فيمثل اليوم أصدق تجربة لنجاح أعداء الأمة في توظيف (الإسلاموفوبيا) لتمزيق دولنا وتفتيت عضدها، ومن ثم إشغالنا بأنفسنا عن همومنا العربية والإسلامية المشتركة؛ إذ أطلقوا يد (الإخوان المسلمين) الذين لو لا هم، لكان المسلمون كلهم اليوم إخواناً متحابين متعاونين على البر والتقوى، لنخر الدولة، وطمس هويتها، وتفتيتها إلى دولتين، وغرس أكثر من نواة لظهور أكثر من دولة سودانية مستقبلاً، لا سمح الله. وفي ما بثته قناة العربية من أسرار حكومة (الإخوان المسلمين) في الخرطوم خلف الكواليس لثلاثة عقود، ما يغني عن وصف الفساد المنتن الذي يزكم الأنوف، واستغلال الدين للقضاء على الدولة هناك. فأصبح هم الشعب المغلوب على أمره، الحصول على رغيف الخبز؛ فيما يخطط من استغلوا السذَّج للوصول بالبلاد إلى هذا الدرك الأسفل، للحياة في كواكب أخرى!.
وعندما حانت اللحظة المناسبة التي طالما عمل أعداء الأمة لتحقيقها، ظهر الثنائي (ترامب - نتنياهو) في مؤتمرهما الصحفي (الكوميدي) في البيت الأبيض يوم الثلاثاء 2/4/1441ه، الموافق 28/1/2020م، لتدشين جهد سنوات في تغييب العرب عن مسرح الأحداث التي تعنيهم هم أكثر قبل غيرهم. وقد رأينا جميعاً كيف أعدَّ (الثنائي) لمؤتمرهما ذاك، الذي أعاد للأذهان مسرحية الثنائي (ترومان - بن غوريون) يوم إعلان ميلاد دولة الاحتلال.
وعلى كل حال، لا أود الإسهاب كثيراً في تلك العلاقة الحتمية التي تربط دولة الاحتلال براعيتها الكبيرة ووالدها الروحي (أمريكا)، فكل متابع يدرك الأمر جيداً؛ وفي تغييب قاسم سليماني (معلم الإرهابيين) مؤخراً عن المشهد، خدمة لحكومة الملالي التي رأت فيه تهديداً حقيقياً لعرشها في طهران، بعدما أدى الدور الذي طُلِبَ منه في خراب دول المنطقة بامتياز وإتقان شديد.. أقول في هذا ما يُغْنِي عن الإسهاب في تفاصيل تلك العلاقة المصيرية بين الثلاثي (أمريكا - دولة الاحتلال - إيران)، الذي لم يتفق على شيء مثل اتفاقه على تدمير العرب والمسلمين.
وعليه يبقى اللوم علينا نحن العرب، الذين لا نتقن شيئاً قط مثلما نتقن أكل لحوم بعضنا البعض؛ فما أن انفض مؤتمر الثنائي (ترمب - نتنياهو)، الذي شهد إعلان بنود (صفقة القرن) بطريقة هزلية، التي تم الترويج لها كثيراً، لدرجة لم يعد في إعلانها رسمياً أي مفاجأة لكل متابع للشأن السياسي في المنطقة.. أقول ما انفض مؤتمر شبيهي (ترومان - بن غوريون)، حتى علا صراخ كثير ممن يتشدقون بالمقاومة ودعم المقاومين، والدفاع عن الحقوق العربية وحماية الآثار الإسلامية و ... قائمة طويلة عريضة من الحديث النظري المرسل، لمهاجمة السعودية، دولة الرسالة الخالدة، واتهامها بمباركة تلك الصفقة؛ بل ذهب بعضهم أكثر لاتهامها بالاشتراك في طبخها، مع إنه لا ترامب، ولا ضيفه (المرح) ذكر أي دور للسعودية في تلك الصفقة المشؤومة لا من قريب ولا من بعيد. وقطعاً لم يكن ترامب ولا ضيفه يدخر جهداً لإظهار الأمر إن كان لدى أي منهما ما يفصح عنه من دور للسعودية في هذا العبث الذي يحدث، بل سوف يسارعان لأن في ذلك خير معين لهما لتسويغ صفقتهما، لإدراك الجميع ما للسعودية من أهمية في كل عمل تقدم عليه أو تشارك فيه.
أقول سعى أولئك الغوغائيون المغرضون لاتهام السعودية، مع اقتناعهم في قرارة أنفسهم أن السعودية أكبر داعم على الإطلاق لنضال الشعب الفلسطيني، ليس اليوم فحسب، بل منذ إعلان وعد بلفور المشؤوم في السابع عشر من نوفمبر عام 1917م، مروراً بإعلان ميلاد دولة الاحتلال غير الشرعي، وصولاً إلى المحاولات العربية الخجولة لاسترداد الحق العربي السليب في فلسطين، تشهد بذلك دماء أبناء السعودية الزكية التي روت ثرى فلسطين الطاهر. و لو أن العرب عملوا بنصيحة المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود، فتركوا الفلسطينيين وحدهم يدافعون عن أرضهم، مع دعمهم لوجستياً بكل ما يحتاجونه، قطعاً للطريق أمام أي تدخلات غربية، لما انتهى بنا الحال اليوم إلى هذا المؤتمر الكوميدي البائس في البيت الأبيض بين (الثنائي المرح).
وبالطبع، ما كان لقناة الفتنة في قطر أن تتأخر في قدح الشرر وإذكاء نار الفتنة كعادتها، باجترار ما تسميه (برامج وثائقية) سبق أن بثَّت سمَّها مراراً، خدمة لأعداء الأمة في تأليب الرأي ضد بلاد الحرمين الشريفين.
وعلى كل حال، ليفهم القريب قبل البعيد، أن السعودية دولة تعمل بالعلم والعقل والحكمة والرأي السديد، لا بالفعل و رد الفعل. وإن أرادت اتخاذ أي قرار مهما كان صعباً عن قناعة، لأعلنت عنه بنفسها، لا يعنيها من غضب عليها أو صفق لها إعجاباً ما دام الأمر نابع عن قناعة الدولة الذاتية. ولهذا أؤكد للجميع أن السعودية ستظل ملتزمة بدورها في رعاية شؤون العرب والمسلمين حيثما كانوا إلى الأبد مهما كلفها ذلك من ثمن، لأن الأمر يمثل ذروة سنام رسالتها. وستبقى بإذن الله وعونه وتوفيقه، صامدة في وجه كل التحديات، لا تهزها ريح المرجفين الحاقدين والعملاء المرتزقة، الذين أصبحوا بيارق في يد أعداء الأمة يحركونها كيفما شاءوا. أما المنصفين والمحايدين الباحثين عن الحقيقة في هذا الخضم الهائج من الأكاذيب والتضليل الإعلامي، فأقول لهم: ارجعوا إلى كتب التاريخ، واسألوا روزفلت عمَّا تعلمه من المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود عن فلسطين، وعجز أن يتعلمه من الكتب والأخبار المصطنعة وتقارير الاستخبارات الملفقة... ويا السعودية.. ما يهزِّك ريح.


التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 04:49 صباحًا الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024.