• ×

02:04 صباحًا , السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


ياسمينة دمشق

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

خرجت ياسمين من مدرستها الابتدائية متزينة بابتسامة جميلة مكللة بشعر اشقر ذهبي، وعلى رأسها اكليل من الياسمين قد اهدتها اياه ادارة المدرسة مع ميدالية برونزية لفوزها بمسابقة الادب في المدرسة. وضعت ياسمين الميدالية تحت ردائها خوفاً من سرقتها، تعالت اصوات القصف والاشتباكات وهي في منتصف الطريق لمنزلها لتبدء بالركض مع صديقتها ممسكة بيدها والذعر يظهر على وجهها، ياسمين تسكن في جنوب العاصمة دمشق وتبعد مدرستها عن بيتها عشر دقائق مشي على الاقدام، كانت تخاف كثيراً من اصوات القصف والرصاص الذي يُسمع من الحي المجاور، وقد أفسدت هذه الاصوات فرحتها بالفوز، تُسرع ياسمين كل ما اشتد صوت القصف واقترب، وتشعر ان الطريق لا نهاية له لتصل الى مفترق بين الازقة عند زقاق بيت صديقتها لتترك يدها وتبقى ياسمين جارية وحدها، كان شعرها يتطاير كشرائط الذهب ويلمع مع اشعة الشمس واصفرار وجها يزيد، وتراودها الافكار مع طول الطريق، "هل امي تسمع الاصوات نفسها" ، "هل يا تُرى تاخرت عن المنزل" ، "هل ساجد امي في المنزل ام ستكون في السوق التجاري" ، كان خوفها يزيد فهذه الاصوات هي غريبة عن هذا الحي، فلطالما سمع هذا الحي نواح جاره، اما الان فقد بدأ بالنواح هو نفسه...

بدأ القصف الهستيري على الحي وكادت ياسمين تُغمى من خوفها وبدأت بالجري على جانب جدران الازقة خوفا من تطاير شظايا القصف عليها، لم تفارقها الافكار المخيفة المتناوبة مع جريها وازدياد المسافة بين اقدامها لزيداه السرعة، فمع كل خطوة كبيرة تأتيها فكرة مخيفة بقدر خطوتها، "هل وصلت صديقتي على بيتها سالمة ام اصابها مكروه" ، "هل امي تنتظرني ام لا تكترث لهذه الاصوات او لا تسمعها" ، "هل يا تُرى علم ابي بمصدر هذه الاصوات على قصفنا في عمله ام ايضا لم يكترث" ، مع سقوط قذيفة بمحاذاة طريق ياسمين صرخت ياسمين بالتزامن مع وقوعها على الارض ليتطاير شعرها على وجهها و تُجرح قدمها لتبدء بالنزف، صدمت ياسمين بازدياد سوء الاوضاع لتنهمر دموعها على وجنتيها ولا تستطيع الوقف من جديد لسوء جرح قدمها، لتسلم امرها الى الله وتغمض عينها وهما تمطران دوعا وتدعي" يارب اريد ان ارى امي لو مرة قبل ان .." قبل ان تكمل امنيتها ياتي احدهم ليحملها بسرعة البرق ويبدء بالجري مجدداً مع سؤاله لها: هل اصابكي مكروه؟؟ مصدومة هي دون ان تتكلم، يصرخ الرجل: اجيبي هل بك اي مكروه؟؟؟، ترد ياسمين: لا لا..خذني الى امي فقط بيتي في نهاية الشارع المجاور، تشعر بالطمأنينة لوهلة، ليرعبها بجوابه ويقول لها وهو يلهث: لا لا مستحيل، لقد نشروا قناصين على اسطح الابنية في هذا الشارع وهو محاصر من كل الجهات حاليا، كان يحملها بطريقة على كتفه مما اوقع طوق الياسمين من رأسها لتشعر به يسقط على الارض وتتناثر الياسمينات وتبكي وحيدة حزينة على الارض، مع انعطاف قوي للرجل ترتاب ياسمين من جديد ليدخلها الى منزل غريب وينزلها من على كتفه ويوقفها على الارض وهي كياسمينة مصدومة لا تستطيع التعبير..وقد اوقف اثار القصف تفكيرها نهائيا، استفاقت من صدمتها لترى امامها الرجل يضمد جرح قدمها وامراءة عجوز تحمل بيدها كوب ماء وتُسقي ياسمين بيدها التي مازالت علامات الكبر والعجز عليها، تعي ياسمين على نفسها وعلى الاحداث التي مرت بها كأنها ايام وساعات، لتتكلم بصوت اغشى عليه الخوف: ما الذي حدث؟ وما وضع شارع بيتنا؟ هي يوجد هناك قصف؟ تهدئها كلمات الامراة العجوز بحنانها: لا تخافي يا ابنتي..كل شيء بخير تفضلي اجلسي وارتاحي ريثما يهدأ الوضع...كانت لهفة ياسمين واشتياقها لامها يطغى على كل المشاعر...جلست بزاوية من البيت خوفا من سقوط قذائف في جوار بيت هذا الرجل الغريب الذي لم تعرفه قبل هذا اليوم، لترثي الحي الذي ترعرت به وتبكي عليه كانه احد من احبائها، فهو الجزء الاساسي من طفولتها وقدر نحتت طفولتها على جدران هذا الحي لتُهدم الان...

كانت تريد ان تصل لامها بأي طريقة كانت، حتى لو دفعت ثمن هذا حياتها، كان الرجل والمراة العجوز يعارضان خروجها لتدهور الاوضاع...كانت تبعد عن الشارع الذي يوجد به منزلها رمية حجر، ولكن الرجل منعها منعا باتا، تخطف النظر للساعة لتظهر انها 3:30 تتنهد بعمق لكأنه حلم طويل ليس له نهاية وقرارها الوحيد هو الذهاب لرؤية والدتها والاطئمنان عليها، خيًم هدوء حذر على الحي لتسرق ياسمين النظر الى الامراة العجوز لتراها نائمة هامدة، وكادت عيون الرجل ان تغفى وهو جالس على الكرسي، تنتظر ياسمين الى ان ينام الرجل بهدوء، يطغى صوت دقات الساعة على الجو، فجاة يقف الرجل ويستلقي على سريرة ليغرق في النوم مباشرة بعد هذا التعب، بدأت ياسمين لملمة اشيائها وحقيبتها من الغرفة لتخرج مسرعة من باب المنزل بصوت حاد من الباب مما دعا الرجل للاستيقاظ بذهول واللحاق بياسمين, يراها في نهاية الزقاق يصرخ خائفا؟ تعالي الى هنا لا تذهبي لا تذهبي، لا تكترث ياسمين وتواصل الجري مع تطاير شعرها كشرائظ الذهب وتصرخ عندما تصل شارع متزلها: امي امي، بصوت عالي ذُهل الرجل وتبسمر مكانه وينظر بذهول ماذا سيحدث..تخرج ام ياسمين تصرخ باكية تراجعي يا ياسمين لا تقتربي تراجعي، تواصل ياسمين جريها مع صراخها بكلمة واحدة: "امي"، امام ذهول الرجل وام ياسمين وهدوء حذر يداعبه صوت ياسمين الخائف، تخترق اجواء الصمت رصاصة غادرة تسفك بياسمين على بعد امتار من منزلها لتأتي هذه الرصاصة في صدرها وترميها ارضا دون حركة، تُصعق ام ياسمين بما جرى..تسرع راكضة باتجاه ياسمين بالتزامن مع ركض الرجل باتجاها ايضا تسبقه ام ياسمين وتحملها مسرعة وتدخلها الى بيتها امام صوت قد اختفى...تصرخ بصوت ملئ ارجاء الشارع: ياسمين!!!!!! ، يحاول الرجل الكشف عن الاصابة ليصدم بالمشهد الذي يراه وينظر بصمت الى ام ياسمين وهي تنوح على ابنتها ويقول لها : اهدئي وانظري الى مكان الرصاصة، تنظر ام ياسمين فتصعق بقدرة الله ورحمته وترى الرصاصة مخترقة الميدالية التي على صدرها وتعلق في منصفها دون ان تسبب الاذى الكبير لياسمين...تضم ابنتها الى صدرها والدموع تنهار على وجنتيها وتحمد الله ببكاء الفرح والحزم معا لتفتح ياسمين اعينها شيئا فشيئا وتنظر الى امها وتقول لها: اشتقت لك كثيرا يا امي..تسكتها دعوات امها: "الحمدلله ياربي انها على قيد الحياة الحمدلله"، تنظر ياسمين ببراءة الى امها وتقول لها: لا تخافي يا امي فياسمين دمشق لا يموت....


الكاتب: abdo_assaf


بواسطة : روان الغامدي
 0  0  1081
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:04 صباحًا السبت 11 شوال 1445 / 20 أبريل 2024.