حينما كنت صغيرا كان والدي يقول لي ( يابني لا تجعل لك صديق واحد ...بل اجعل الكل اصدقاء لك ) و بالفعل عملت بمقولته وقد كسبت الكثير من الاصدقاء . الدافع الذي جعلني أبحث
عن تكوين الصداقات هو: فقداني نعمة الأخوان فقد تركني أخي الكبير منذ صغري و جعلني وحيدا أواجه هذا العالم المليء بالعقبات و التحديات . لم يكن هدفي كسب الأصدقاء فقط ؛بل هدفي أن أجعلهم بمنزلة أخوة لي كي أسد الفراغ الذي تركه أخي...
وقد تعرفت على الكثير من الأصدقاء من مختلف الأطياف و الأجناس و الطبقات و المجتمعات وقد أكسبني هذا الأمر الكثير من المهارات في فن تكوين الصدقات و كيفية التعامل معهم وكيفية اختيارهم . لقد عشت مع الكثير من الأصحاب في أفراحهم و أحزانهم و منهم من رحل عن هذه الدنيا و منهم من تغير جذريا . وقد تعاملت مع المزيفين الذي يدعون أنهم أصدقاء وهم أصحاب المصالح و تعلمت من جميع أصدقائي دروس كثيرة ....
تعلمت أنه لايوجد صديق واحد بل أن الكل أصدقاء لي و أن لا أخلق لنفسي أعداء مهما كان الأمر . تعلمت أن أتعامل مع كل شخص على قدر مستوى تفكيره و لا أنظر أبدا باﻻستعلاء ... تعلمت أن أكتسب من كل صديق لي صفة فالأول أخذت منه الدين و القيم و الثاني العلم و الثالث الصبر و الرابع الحزم و الجد و الخامس الشجاعة و الصدق والاخير الفكاهة . تعلمت أن أقدر ظروف الكل و أحوالهم و أن أبتعد عن مايغضبهم و يجرحهم . وأيضا لا أتردد أبدا في مساعدتهم و أن أقابل السيئة بالحسنة و أن أتحمل ماقد يبدر لي منهم .
لكن أهم شيء تعلمته أن ( صديقك من صدقك و ليس من صدقك ) يجب عليك أن لا تحيط نفسك بأشخاص يجاملونك و يدعمونك على الباطل فهؤلاء ليسوا أصدقاء إنهم أعداء لك بل أحط نفسك بأشخاص صادقين لا يجاملونك مهما كان وينصحونك على كل ما فيه خير وياخذون على يدك ؛ و لكي تعرف أخطائك و ذلاتك وغدراتك كي تصححها وتجعل من نفسك شخصا أفضل و تذكر أن تتقبل الحقيقة مهما كانت مرارتها تجاهك . و تذكر أن الصدق و الصراحة هو أهم ركن في نجاج أي علاقة اجتماعية .
قد تمتلك أشياء ثمينة في هذه الدنيا مثل المال و العلم و المنصب؛ ولكن قد لا تمتلك الأصدقاء الحقيقين ؛ ومن هنا تكتشف أنك لا تمتلك أثمن شيء فالمال يصرف و العلم يتجدد و المنصب يتغير ولكن الأصدقاء الحقيقين يبقون معك إلى النهاية فاحرص أن لا تموت وحيدا وتذكر أن أصدقائك المخلصين هم من يحملون نعشك إلى قبرك.. !! و كما" قيل انتبه في اختيار اصدقائك فانت تختار أول صف يصلي على جنازتك "
