• ×

05:28 مساءً , الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024

الآلية Mechanism

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بقلم الدكتور - إبراهيم عبدالله العبدالرزاق 

الآلية : مفهوم واسع ، ومتعدد الاتجاهات !!! لن أتطرق للآلية من حيث أنها نقيض للمذهب الفلسفي الغائي ..
كما لن أتناولها تعريفا لغويا أو منهجيا بجانبها السببي المادي!
إنما أعتبر ما أكتبه فضفضة عن
الآلية الغامضة التي تبقى بروابط طيفية كمرتكزات ، ومحاضن تعيد ضبط ، وتشكيل واقع أو ظاهرة ما رغم اختلاف الظروف ، والمعطيات ..
الآلية تركيبة معقدة : تتكون من أفراد ، وكيانات بنفوذ أخطبوطي وكذلك من ممارسات ، ومفاهيم متجذرة إضافة لتشوهات مقصودة للقيم ، والمبادئ..
من أهم مميزات الآلية أنها كالأخطبوط من حيث القدرة على الإيهام ، والتخلص من الذراع المعطوبة ، واستبداله بغيره ..
آلية الفساد المتجذرة :
——————————
هي تلك العوامل التي تتنامي حتى تتشكل تلك الآلية القادرة على ابتلاع التغيير المنشود لقادم أفضل ..
عوامل الآلية تتفلت على الملاحظة ، وتتلبس بصور موهمة حيث ظاهرها الطيبة ، والنخوة ، وإتمام الخطط القديمة ، والمحافظة على الموجود إلا أن باطنها مقاومة ، ومدافعة الجهود المبذولة للتحسين ، والتطوير ، ومكافئة المساهمين في حيويتها
، وديمومتها ..
ومن أبرز تلك العوامل ما يلي :
• تقادم الاستحواذ على بعض المهام ، والوظائف ذات الطيف الواسع لمصالح الناس مما يولد شعورا بالتمكن ، والاستحقاق المؤدي للإعتلاء على التشريعات ، والتنظيمات ؛وبالتالي الجرأة للإلتفاف على الإجراءات المقننة لتحقيق الأهداف إلى توسيع النفوذ ، والمصالح بغض النظر عن تطلعات التشريعيين لهذه المصالح .
• السيطرة أو الاعتبار غير الموضوعي لتكوينات مجتمعية !!فيتسلسل المكون بعلاته من السابق إلى اللاحق لا شعوريا مقاوما التغيير أو التعديل المطلوب..
• الظواهر السائدة وإن كانت غير سليمة لكنها تشربت في الأنفس لأنها تخدر الاستشعار السليم في إدارة أو ممارسة الجودة المطلوبة فيتموضع الأغلب مع تلك الظواهر خشية الخسارة أو مواجهت القطيع …
• إستدامة تجسيد الكيانات أو الجهات بشخصيات غير قابلة للنقد أو التغيير …
• التقديس التحيزي لجغرافيا أو لمجموعات أو أفراد بطريقة ذكية
تجعلها ممثلة للأصالة ، والوفاء ، والتميز النادر ..
• المركزية ، والتفويض غير الرشيدين ، والإكتفاء بالصمت دليلا على الرضا طبعا الرضا غير الموضوعي بفرضه أو انتزاعه ..
• التغيير الجزئي لمنظومات هي المصنع المتكامل لانتاج وضع مختل .. ومعروف أن الشجاعة تعجز أمام الكثرة المتكاثرة ..
• وجود كيانات أو أفراد هم مدار عجل الآلية في كل مشهد أو مسار
تحافظ على استمراريتها بين إقبال ، وإدبار المهم أن مدار العجلة يواصل الدوران ، وإعادة تواجده بأي تواجد كان..
أفراد ومشغلو الآلية :
—————————
كلٌ مرشح للعمل فيها ، وبتعبير أدق الآلية قد توظف أناسا لا يعلمون أنهم من ظمن القوى البشرية للآلية ! ولكن تبقى البيادق الرئيسية كالصورة المائية في أوراق العملة …
في العالم يعاني الناس من الآلية الفاسدة : وهي العقبة الكأداء في طريق التغيير ، والإنعتاق من أمر يجب إصلاحه..
ولو حاولنا تحسس الآلية المقاومة للتغيير في منشأة ما..
يمكن ملاحظة تحرك ، وعمل الآلية المقاومة للتغيير من ساعة تبلور الرغبة في تغيير أمر معين في تلك المنشأة..
الآلية تستشعر أي نسمة تغيير ، وتحاول باكرا حجب تلك النسمة أو تحويلها لطاقة كامنة بتعزيز الأمر الذي تتنامى الرغبة في تغييره ؛ وإن كان ولا بد فالعمل على إبطاء التغيير أو التخلص بلا ندم من الجزء الذي تقرر الآلية الاستغناء عنه ، ولو كان في يوم من كوادرها البشرية ..
عندما تهب رياح التغيير أو تتنامى مطالب التغيير في منشأة ما!!
تتموضع الآلية إعلاميا بجميع منافذها للتغذية التي تريد ، ومن اجل الرصد ، والقياس ..
ثم تعمل الآلية علاقاتيا مع الشخصيات النافذة للمشاركة في اتخاذ القرار ..
ثم تعيد الآلية اجترار مخزونها المعرفي بالأنظمة ، والتعليمات لاتخاذ مواقف تمنع التغيير وفق روح النظام !!.
مثلا التعليمات تنص على سن التقاعد لكن الآلية لا يعجبها ذلك فتبني عشا يُعيد الوضع كما كان للحفاظ على كوادرها إما بالعقود أو الاستشارات وهكذا يتعثر التغيير..
الآلية مهما كانت يمكن اكتشافها وإبطال مفعولها المدمر بأُمور منها :
* تعزيز القيم ، وبناء علاقات ، وتفاعلات المجتمع عليها..
* المنافذ الإعلامية الإلكترونية الواتس ، والتويتر وخاصة منصات المشاهير ذات المحتوى الدعائي لشخصيات رسمية أو غير رسمية
• اللوبيات ، وجماعات الضغط الشعبي التي تتكرر في كل حدث ، ومناسبة لتوجيه الرأي العام باتجاه ما..
• ملاحظة اتجاه الشكاوى ضد الجهات ، ومديريها ومن ثَم كيفية المسار لاكتشاف اليد الخفية التي تُسيرها ..
• إعادة النظر في طريقة الترقيات في الجهات التنفيذية خاصة الاستثنائية لتنقية الإجراءات من الأهواء ، والمصالح المتقاطعة ، والمصلحية ..
٠ إستشعار القرارات الإلتوائية على الأنظمة ، والتعليمات ..
• التدوير الإلزامي للقيادات بدون استثناءات ..
حالة إفتراضية
——————
وُجِد منشأة توفر خدمات حياتية أو تجارية أو صناعية أو رياضية أو أمنية على المستوى المحلي ، والوطني ومؤشرات أدائها تؤثر على المواطن بمدى رضاه أو ثقته ماديا ، ومعنويا .
أيضا وزن تلك المنشأة على المستوى الوطني الحضاري ، والإعلامي..
تبين من خلال المراجعة ،والرصد ، والنتائج تكرار ضعف الإنتاج ، وتدهور الوضع ، وتضعضع الثقة ، وتدني الرضا رغم التحديثات ، والتغييرات في رأس الهرم لتلك المنشأة ، والتموضعات المحدودة في بعض القيادات..
هنا نشعر أن آليةً مسيطرةً تقاوم التغيير ، وتعيد تكرار الواقع الذي يُفترض تحسينه..
وبذلك لا بد من رصد هذه الآلية بدقة ، وأمانة ، وتحديد كيفية عملها عبر شبكتها غير الرسمية بشمولية ثم العمل على تفكيكها بحكمة ، ورُشد.

 0  0  
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 05:28 مساءً الجمعة 19 رمضان 1445 / 29 مارس 2024.