• ×

01:25 مساءً , الخميس 9 شوال 1445 / 18 أبريل 2024

معالي محمد داوودية عارك الكسارات والباطون والطوب مثلما عارك الصحافة الى أن أصبح نائباً ووزيراً للشباب ثم سفيراً للأردن

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
عمّان – بث - بسام العريان -
-
معالي محمد داوودية عارك الكسارات والباطون والطوب مثلما عارك الصحافة الى أن أصبح نائباً ووزيراً للشباب ثم سفيراً للأردن

أجرت صحيفة الرأي الأردنية لقاء مع معالي محمد داوودية الوزير والسفير الأسبق وكتبت عن تاريخه المليء بالمثابرة والجد والاجتهاد منذ أن عارك الكسارات والباطون والطوب مثلما عارك الصحافة الى أن انتصر وأصبح نائباً ووزيراً للشباب ثم سفيراً للأردن نحو عقد ونصف من الزمن.

وتالياً نص اللقاء الذي أجرته الصحيفة مع معالي محمد داودية :
صحا على نعيم لم يطل لتسقط «ملعقة الذهب» مع رحيل والده، ويخرج الى الضنك والفاقة في طفولة مبكرة.
عارك الكسارات والباطون والطوب مثلما عارك الصحافة لاحقاً فخرج منتصراً، ليصبح نائباً ووزيراً للشباب يقتحم مقاعد الجمهور مشجعاً ، ثم غادر سفيراً نحو عقد ونصف.
نقدمه اليوم للقراء، وهو يفرض ايقاعه، فقد مكنته قدرته الصحفية والادبية التي لا يشق له فيها *غبار، ما اضطرنا الى شطب الأسئلة ونترك محمد داوودية يجيب على سجيته.
المرحلة الأولى من عمري كانت نعيما، فقد كان والدي يرحمه الله رئيسا للدائرة الزراعية في شركة نفط العراق في الاجفور- الرويشد الآن- حيث ولدت. وكانت أسرتي كما تخبر والدتي يرحمها الله تترغّد في خيرات عميمة إلى ان توفي والدي وأنا في سن السادسة فخرجنا من ذلك النعيم إلى الضنك والفاقة.
وقد عوّضني الله عن فقدان الوالد بتوفيقه ورعايته وأيضا عوضني بوالد لا يدانى في حنانه وعطفه وكرمه عمي جعفر ابن عم والدي الذي ربانا أنا وشقيقتي الحبيبة الطيبة خديجة وأسبغ علينا ما لا يمكن أن يزداد عليه كما يسّر الله لي أخوالي الذين غمروني بحنانهم ورعايتهم فكنت عندهم أميرا صغيرا لا يزعلني احد، كان جدي مزعل مشري الخوالدة يصطحبني إلى كل المناسبات التي يحضرها، واذكر انه كرّس عندي قاعدة طبقتها بأمانة : أن لا اعتدي ولا اظلم ولا أقسو ولا آكل حق احد، لكن أن يقع من يصطدم بي. ومن يتعرض او يسيء لي فيجب أن يدفع ثمن اساءته وحماقته. وخلاصة تلك القاعدة : «لا تنم ظالما ولا تنم مظلوما».
لم تكن يفاعتي كلها جفاف ويباس وقسوة فقد كنت أأوب إلى واحتين استظل بهما من صهد العيش: الكتب والحب. في الكتب كنت أجد عالما موازيا وعالما افتراضيا جميلا أتقمصه واهرب إليه وأما العالم الحقيقي الأكثر جمالا ورطوبة وفرحا فكان عالم الحب الذي اقتضى أن اكتب رسائل إلى صويحباتي فكانت تخلب ألبابهن وتمدني بطاقة ثقة هائلة.
كان الحذر هو ابرز ما تعلمته من طفولتي، فقد هرب اخي الحبيب الأصغر احمد بعيدا فطلبوا مني ان امسك به واحضره طاردته وادركته ولما هممت ان اسلمه الى عمي ورجال اخرين امسكوا بنا معا وسيطروا علينا وسط دهشتي وإحساسي بالورطة و»طهّرونا» معا، فكان الدرس الابلغ: «لا تسلّم أخاك». كنت في احيان كثيرة وفي مراحل متعددة معلم نفسي، لقد اشتققت واستنبطت لنفسي قواعد صارمة جدا التزمت بها ولم احد عنها.
وقد خضت غمار العمل وجحيمه وأنا ما أزال في الثانية عشرة من العمر في المفرق الحبيبة. عملت أثناء العطل الصيفية في الكسارات وفي ورش فتح الطرق وفي بيع الصحف وفي المطاعم وفي دك الطوب وفي صب الباطون لسقوف المنازل ولما كانت المرحومة والدتي توقظني على الرابعة فجرا للذهاب إلى الورشة التي تبعد نحو 7 كيلومترات كنت أتمنى لشدة التعب ولذة النوم لو أنني ميت لكنني سرعان ما انهض وامضي إلى العمل الذي كنت أوفر منه مبلغا لشراء بذلة كاكي وحذاء رياضة للمدرسة ولشراء الروايات.
درست الابتدائية والإعدادية في المدرسة الهاشمية التابعة للثقافة العسكرية في المفرق وكنت لاعب كرة قدم في فريق المدرسة وحصلنا على الكأس والميداليات الذهبية لبطولة المدارس 1962 بهدف جميل سجّله اللاعب علي أبو فلاحة وهو ما يزال صديقي إلى اليوم. كنت متفوقا جدا في المرحلة الإعدادية وقدمت الامتحانات العامة للصفين السادس والثالث الإعدادي كما أصبح عليه الحال اليوم.
واصلت الكفاح بضراوة في الميدان الصحفي. بدأت في صحيفة الاخبار التي كان صاحبها فؤاد النمري ومديرها العام المرحوم عبد الرحيم عمر الذي قال لي أنت تتمتع بضمير مهني لم اعرفه في احد غيرك، ورئيس تحريرها معالي راكان المجالي، كنت اعمل 18 ساعة في اليوم إلى أن أتقنت كل مراحل إنتاج الصحيفة، ازدادت قدرتي على الدقة والتنظيم والإتقان، وأنا بشهادة من يعرفني عن قرب، سريع منظم جدا ودقيق جدا ومتقن بلا تلكؤ أو تردد. كنت اكتب مقالة يومية بعنوان «عرض حال» لم تكن للبيع أو للإيجار ولذلك تم وقفي عن الكتابة أيام وزير الإعلام ولما كتبت باسم مستعار تم فصلي من العمل ولم يكن في جيبي ثمن علبة حليب لابنتي عدن ولا أجرة المنزل!! *
كانت الصحافة في تلك الحقبة عناء ومشقة، أقسى من شغل الكسارات وصبّات الباطون ودك طوب الاسمنت، واستذكر قامات ذلك الزمان الصحافي القاسي: سليمان عرار ومحمود الكايد وإبراهيم سكجها وجمعة حمّاد ومحمد العمد ورجا العيسى وعرفات حجازي ومحمود وكامل الشريف وحسن التل وطارق مصاروة ومريود التل وراكان المجالي وعبد الرحيم عمر وفهد الريماوي ومحمود الحوساني ومحمد الجيلاني واحمد علاوي واحمد الزغيلات وعبد الوهاب الزغيلات وعبد المجيد عصفور ومحمد موسى وامين القطب وعبدالله حمدان وجون حلبي وعبد السلام الطراونة وعبدالله مياس وطارق خوري وموسى الازرعي وعمر عبندة وشفيق عبيدات وفواز كلالدة واحمد الدباس وفيصل الشبول ومحمد أبو غوش وموسى عبد السلام هنية ومحمد طوطح واحمد سلامة وهاشم الطراونة وهاشم خريسات وفايز حمدان وفخري اباظة وغازي حداد وحامد العبادي ومحمد نبيل عمرو وبلال التل وزهدي البدري ومروان الشريدة وعوني بدر وصدقي الريماوي وفارس شرعان ورشيد حسن ويوسف العبسي واحمد حسبان واحمد ذيبان وفخري أبو حمدة وإبراهيم نصر الله وحافظ ملاك و نايف مخادمة وفوز الدين البسومي وعطوة ابو معيلق وآخرين.
فتحت لي الصحافة أوتوستراد الى الرأي العام فأصبحت معروفا وازدت بروزا لما أصبحت «مدير الإعلام والعلاقات العامة للديوان الملكي الهاشمي» فقد أتاح لي العمل في ظلال القائد العظيم الملك الحسين طيب الله ثراه فرصة خرافية ليعرفني الرأي العام الأردني فاستأذنت الملك وذهبت إلى الانتخابات التي فزت فيها عن محافظة الطفيلة.
لما تم اختياري وزيرا للشباب لم اكن اعرف عن معضلات الرياضة الأردنية شيئا! فقررت ان اعرف. اتصلت بالخبير نظمي السعيد وطلبت منه ان نلتقي فزارني في الوزارة وكنت قد جهزت عشرات الأسئلة ومعي قلم وأوراق ادوّن فيها ما يقوله وكأنني صحافي اجري مقابلة صحافية. كان يقول لي في مطلع كل إجابة: كما تعرف معاليك، فقلت له : يا حبيبي يا نظمي انا لا اعرف ولو كنت اعرف لما وجدت امامي أوراقا وقلما، قل ما تعرف ودعك من الألقاب فانا مش تبع القاب. وهكذا اتصلت مع واستنطقت الخبراء ثم انني حرثت الميدان وتعرفت على مشكلات الرياضة في المحافظات وكسرت «برستيج» الوزير وخرجت من المنصة واقتحمت المدرجات وجلست فيها اشجع مع الجمهور فرق كرة القدم.
واقمت علاقات واسعة مع قطاع الاعمال الأردني الذي تبرع بسخاء للأندية كما اقمت علاقات ندية محترمة مع قادة الرياضة العرب فتبرع سمو الأمير فيصل بن فهد رحمه الله بـ 50000 دولار للجنة الأولمبية الأردنية كما قدمت القوات المسلحة والحكومة دعما كاملا لمعسكرات الحسين للبناء والعمل.
الرياضة تطورت وأصبحت إعدادا علميا وبناء طويل الأجل واحترافا ومخصصات مالية. اما العمل في القطاع الشبابي فأصبح مُيسّرا اكثر بفعل تقنيات ووسائل الاتصال الاجتماعي الحديثة، وإنني اعتبر البطالة في أوساط شبابنا هي اخطر ما يواجه مجتمعنا اليوم. عمل الشباب بطبيعته يدرأ التفكير السلبي ويولد الطاقة الإيجابية ويمنح *الشباب الأمل في بناء أسرته وحياة جديدة. ومعلوم أن التطرف آفة أممية عابرة للقارات والشعوب وهي مثل موجة حر لها عمر محدد وتغرب. والتصدي للبطالة يحتاج الى الانتقال نحو المحافظات التي تخلو من المشاريع ووقف استقدام العمالة الأجنبية فورا والحد الحاسم من وجود العمالة الأجنبية في مصانعنا. ويحتاج الفكر المتطرف إلى مشروع ثقافي علمي محدد جديد يأخذ في الاعتبار المناهج والمدارس والمعلمين والجامعات والأندية والمساجد والكنائس والوعاظ ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب والإعلام.
تعاملت مع المجتمعات التي عملت فيها وخاصة الإعلام والمثقفين وتعاملت مع الجاليات الأردنية على قاعدة: «السفارة في خدمة الجالية وليس العكس» وقمت بعشرات النشاطات في كل الدول التي عملت فيها *( 14عاما في المغرب واليونان واندونيسيا) كانت تهدف الى الترويج للاستثمار في الأردن وأيضا قمت بالتنسيق مع المؤسسات الرسمية والأهلية التي تعنى بالسياحة مثل هيئة تنشيط السياحة وغيرها.
وقعت الأمة وأصبحت مطمعا لكل الطامعين ولا شك عندي في أن الأمة ستنهض من كبوتها وستصنع وحدتها أو اتحادها الذي لا مفر منه لحماية مصالحها وثرواتها وأمنها. وأظن أن قيامة الأمة ستكون قريبة وستكون عنيفة.
رمضان عندي لا يختلف عن الأشهر الأخرى إلا من حيث التوقيتات، فيومي موزع بين القراءة والعمل والاتصال والنشاط الاجتماعي. بخصوص الطعام فإنني أقول بأمانة *ان أُم عمر ملكة الأطباق وهي مبدعة في الطبخ وتمارسه برغبة كبيرة وبمتعة لا تضاهى. وأطباقي المفضلة فهي البسيطة وأحاول أن لا أتناول إلا نوعا واحدا . أحب القطايف مشويا بالجوز والقرفة وعصير البرتقال الطازج او التمر هندي البيتي وأحب تناول التمر والحليب وأفضل طبق السبانخ او طبق اللوبيا الخضراء والكسكسي المغربي الشهي الألذ وعلى السحور أفضل البطيخ أو العنب مع الجبنة البيضاء.

بواسطة : بسام العريان
 0  0  
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 01:25 مساءً الخميس 9 شوال 1445 / 18 أبريل 2024.