• ×

10:22 مساءً , الجمعة 10 شوال 1445 / 19 أبريل 2024

خلايا الفساد تلدُ نياقهم فاراً بعد طول مخاض

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بث - حوار وإعداد/ علوية الشافعي : 
في حوار لـ (بث) مع الدكتور احمد سليمان النجار استشاري اسري وتربوي عن موضوع مهم يمس المؤسسات والشركات بل على مستوى الوطن والعالم اجمع ألا وهو الفساد وأنواعه وطرقة وهل يقتصر على المال أم أيضا له طرق اخرى متعدده وهل هذا يعطل عجله التقدم على المستوى العام والخاص
فاجاب قائلاً
خلايا الفساد
بدايةً دعونا نتفق أن للفساد ثلاثة أنواع، وكل نوع منها أشرس وأشدُ فتكاً من الآخر، إلا أن النوع الأول هو الأب الروحي والمُنتج الحقيقي للنوعين الآخرين، ففساد اللصوصِ المختلسين العابثين باقتصاد الوطن وأمنه وأحلامه، وفساد الواصلين إلى مناصب لايستحقونها، بسبب المحسوبية و(الشللية) وبعض الاعتبارات الشخصية الضيقة , والنوع الثالث هم من لايختلسون وهم أكفياء , ولكنهم لايعملون.

النوعُ الأول من الكافرين بالوطن المؤمنين بمصالحهم الأنانية الضيقة، هم سبب كل علةٍ قاتلة وأزمةٍ خانقة، هم ثقبُ أسودٌ يبتلعون كل مقدرات الدولة بدمٍ باردٍ، ويعبثون عبثَ الثملينَ في حانةٍ بميزانيات البلد , فتخرج للنور –إن خرجتْ– مشاريع مهلهلة مفككة مُزرية، لاتكادُ تعملُ هُنيهةً حتى يسقط قناع رداءتها ويَفتحُ الفاسدون باب الصيانة، ليسرقوا وينهبوا من جديد مبانٍ منشأت، مشاريع، برامج، ملفات صيانةٍ وتشغيل تفوح فساداً يزكمُ الأنوف تكلفتها مليارات، ووقتها سنوات، وفي النهاية تلدُ نياقهم فاراً عد طول مخاض هؤلاء هم من آخر عجلة التقدم في البلد، وعبث بمستقبل وأحلام وأمن الملايين، هؤلاء هم من يجب محاربتهم, قاتلهم الله أنى يؤفكون هؤلاء من يجب أن يتم القضاء عليهم قضاءً مُبرماً، كي تتحقق الرؤية العظيمة المشرقة 2030 والكارثة المدمرة عندما يعبث هؤلاء الفاسدين ليس بأرواح المواطنين، بل حتى بمستقبلهم وأحلامهم وآمالهم.
هذا النوع من الفساد هو الذي يتسبب بالنوع الثاني، فهم يحرصون على أن بيضهم الفاسد (يتدحرج) على بعضه، فالأعور حتى يُغطي عَوَرَهُ، لابد أن يكون بين ثلة من العُمي، فتراهم يستبعدون الأكفياء المؤهلين ويستقطبون أصحاب القدرات المتدنية للغاية والفكر المتأخر والرؤية الضيقة، والذين مؤهلهم الوحيد أنهم كلما قال الفاسد أمراً قالوا له بكل طاعة عمياء آمين
هذان النوعان يتكاتفان ويشنان حرباً لاهوادة فيها على الأكفياء المهرة المتمكنين، لتحيدهم وإخراجهم من دائرة التأثير، وذلك لأمرين اثنين
الأول القضاء على الضدِ الذي تتميز به الأشياء، فهم الفئة الكاشفة الفاضحة لهم
الثاني إبعاد الأنظار عن ملفات فسادهم التي لو نطقتْ لقالت لهم أفٍ لكم يالصوص
فتجد كل التركيز على هذه الفئة، وكل الهجوم عليهم، وكل الانتقاد السلبي، وكل أصابع الاتهام تشيرُ نحوهم، ويتم تحميلهم مالاذنب لهم فيه، ويتم إخضاعهم لسلسلة من الإجراءات الحمقاء المؤذية المُرهقة المُضنية التي لاتعرف لها مُبرراً ولا من خلفها هدفاً، بحجة الإصلاح، فهم سبب التعثر، وهم سبب التأخر، وهم –عليهم من الله مايستحقون– سبب حتى ثقب طبقة الأوزون
وكأن هذه الفئة ليست ضحية فساد النوعين الأول والثاني، واللذان لو أنفقا ربع ماوقع في أيديهما من ميزانيات فلكية في مكانها الصحيح ، وقدما لها ماتستحقه من تقدير واحترام، لقدما دعماً ضخماً جداً لهذه الفئة، أعانها على أداء عملها بشكل جيد للغاية
ولكانت هذه الفئة أذهلت العالم إبداعاً وتميزاً وعطاءً وجودةً
لكن جاء قدرُ هذه الفئة أن تكون القُربان على معابد الفساد
كل هذا يُنبتُ النوع الثالث من الفساد، وهم المحبطون، الذين فقدوا حماستهم، وتوهجهم، وبات الأمر عندهم تحصيل حاصل، فإن وجدوا فرصةً للفكاك من عملهم خرجوا منه غير آسفين عليه، وإلا مكثوا فيه على مضضٍ مؤذٍ للغاية
وظهور هذا النوع هو مايحتاج إليه النوعان الأول والثاني كوقودٍ لحربهم ومبررٍ لإجراءتهم وبرامجهم وأفكارهم الحمقاء
وكأنهم يقولون للعالم دونكم هؤلاء العالة الخاملين، من أجل هذا خضنا حربنا المُقدسة ضدهم
وأخطر مافي هذين النوعين هو قدرتهم العالية جداً على تكوين خلايا قوية متماسكة مُعقدة، وحرصهم البالغ على أن لايكونوا في قمة الهرم ولافي قاعه، فهم في مكانٍ خطيرٍ وحساسٍ وحيوي، ويملكون سيطرةً مُخيفة على مفاصل المكان، ولهم قدرة غريبة على صناعة وتوجيه القرار فيه
لهم أعينٌ وآذانٌ في كل مكان، يجيدون وبمهارة عالية تلافي أي ضربة توجه نحوهم، والسيطرة التامة على رأس الهرم في المكان الذي يعملون فيه، وتوجيه أنظاره نحو مايريدون أن يراه فقط، وحتى لو تغير رأس الهرم مراتٍ ومرات، فلن يحدث أي تغير إيجابي أبداً، فالخلايا باقية متماسكة ومازالت تعمل بكفاية عالية جداً
والمسؤول الذكي المُلهم والذي يستمد قوته من مبادئه الرائعة وإيمانه العميق وحبه لوطنه، هذا المسؤول هو من يبدأ قبل كل شيء بالبحث عن هذه الخلايا وتفكيكها، صحيح أن المهمة ليست سهلة ولابسيطة، وتحتاج إلى قدرة عالية للغاية وحسٍ إداري مُرهف وخبرة قوية ورغبة صادقة في الإصلاح والتغيير الايجابي
نقطة ضعف هذه الخلايا أنهم تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى، فسقوط واحدٍ منهم كفيلٌ بإسقاط البقية
هذه الخلايا قد تجدها في كل مكان صغير أو كبير، قد يكونوا من القدماء أو من غيرهم
هاهي بلدنا العظيمة قد شنتْ حربها الحقيقية على الفساد وعلى الفاسدين، فلنكن عوناً لها، وجنوداً مخلصين أقوياء في جيشها، نحميها حتى من أنفسنا، فأرضها التي أقلتنا وسماؤها التي أظلتنا تستحقُ منا الكثير.
ويعلم الله أني أعشق تراب هذا الوطن وأني لا أرى مكاناً على وجه الأرض أجمل وأروع منه على الإطلاق
وسأهمسُ لكل متخاذل عن نصرة الوطن ورفعته وتحقيق أحلامه ورؤيته العظيمة
أنا لن أكونَ مِثلَكا
لي مَسلَكٌ
وللجبانِ مَسلكا

 0  0  
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 10:22 مساءً الجمعة 10 شوال 1445 / 19 أبريل 2024.