• ×

09:49 مساءً , الخميس 18 رمضان 1445 / 28 مارس 2024

بكاء الشمع يعيد تداول روائع أبو اسحاق على مواقع التواصل

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
بث - فواز العبدلي : 
أعاد مثقفين وأدباء تداولهم بشغف إحدى روائع الشاعر أبو اسحاق الغزي، والتي جاء فيها:
مالي أرى الشمع يبكي في مواقده
من حرقـة النار أم من فُرقة العسلِ؟!
نظم الشاعر أبو اسحاق الغزي بيتـاً بشكل سؤال:
مالي أرى الشمع يبكي في مواقده من حرقـة النار أم من فُرقة العسلِ؟!.
فأعلنت إحدى الصحف عن جائزة لمن يستطيع
الإجابة على هذا السؤال
أجاب بعض الشعراء: بأن السبب هو الألم من حرقة النار، وأجاب آخرون إن السبب هو فُرقة الشمع للعسل الذي كان معه ولكن أحداً لم
يحصل على الجائزة.!
ما إن بلغ الخبر الشاعر صالح طه حتى أجاب بقوله:
من لم تجانسْه فاحذر أنْ تجالسَه
ماضر بالشـمع إلا صحبة الفتـلِ!
وفاز بالجائزة!
نعم إنَّ سبب بكاء الشمع وجود شيء في الشمع ليس من جنسه وهو الفتـيلة التي ستحترق وتحرقه معها.
وهكذا يجب علينا: انتقـاء من نجالسه ويناسبنا من البشر حتى لا نحترق بسببهم ونبكي يوم لا ينـفع
البكاء.
وقد قيل: "ما أعطي العبد بعد الإسلام نعمة خيراً من أخ صالح،،
فإذا وجد أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به"..
من لم تجانسْه فاحذر أنْ تجالسَه
ماضر بالشـمع إلا صحبة الفتـلِ.

وبحسب المركز الإعلامي الفلسطيني لسيرة
الشاعر أبو إسحاق إبراهيم بن يحيى بن عثمان الكلبي الغزي، أنه في مدينة غزة عام 441هـ، وفيها نشأ، وتلقى تعليمه الأوليّ، ثم دفعته ظروفه، وسوء الأحوال السياسية في بلده قبيل الاجتياح الصليبي لفلسطين، للهجرة إلى دمشق، وأكمل تعليمه فيها على يد أحد علماء بيت المقدس المهاجرين وهو نصر بن إبراهيم المقدسي، ثم ارتحل بعد ذلك إلى بلاد فارس وخراسان وكَرْمان وأواسط آسيا حيث أمضى هناك بقية عمره حتى وفاته.
وله ديوان كبير بتحقيق الشاعر والأكاديمي المقدسي الدكتور عبدالرزاق حسين، وكان شعره كثيراً سائراً ببلاد الجبل وخراسان كما يقول الذهبي الذي وصفه بشاعر العصر وحامل لواء القريض، وهو مشهور بكثرة استخدام فنون القول البديعي واحترافه ومهارته فيها.

وكان يتشوّق في غربته الطويلة إلى أرضه
وموطن صباه الذي لم يعد إليه، فيقول في تذكّر رحلة له بين غزة وعسقلان:
أين دعواك والغواني عواني
والمعاني واللفظُ حاز المعاني
ونَواكَ الشُّطُون إزماعَكَ الرحلةَ من غزة إلى عسقلان.
وظل يذكر في حياته غزة أمام الأمراء والسلاطين من ممدوحيه:
قصدتُكَ لا بالشعر من أرض غزةٍ
ولكن بقولي إنني لكَ آمَلُ.
ويحكي أن سبب هجرته من غزة هو بعض
الأشخاص:
لولاه ما فارقتُ غزةَ هاشمٍ
والشوقُ يحملني على بُرَحائه.
ويحكي في شعره متذكّراً أيام صباه الجميلة
على أرض غزة:
ما كان أقصرَ عيشاً رقَّ حاشيةً وموعداً غيرَ
موسومٍ بإخلاف
أيامَ كنتُ أميراً في برود صِبا
تصبي الكعابَ بأعلام وأفواف
وحَيُّ غزةَ حيُّ العــــز منتظمٌ
كعقدها من خيامٍ بين أحـــقاف
ومن روائع تشوّقاته إلى غزة:
وجدّد كربي ذكرُ غزّة هاشـــم وما جدّ بي من شوق تلك الملاعب مقام هوى قلبي ومسقطُ هامتي ومعنى صباباتي ومغنى أقاربـي
ذكرتُ بذاكَ الرّبع عيشاً طويتُه على غرَّة والعيشُ كسوةُ سـالب
ونَدمة قومٍ لا ندامةَ عندهم من العمر والدّنيا على فــوت ذاهـبِ
تُحلّى صدورُ الكتب حتّى تخالها إذا أسهبوا فيها صـــدورَ الكتائبِ
لئن فلقّوا هامَ الصَّناديد في الوغى فقد فلّقوا في المحل هامَ المساغبِ
ومنْ لي بهمْ لو أيسروا فدعوتهم لتخليص
شلوي من نيوب النـوائبِ
عسى بينَ أحشاءِ الليالي عجيبةٌ حبالى الليالي أمّـــهـاتُ العجائبِ
إذا شاء حلَّ العقدة اللهُ ناطها بمسعى ميامين
الخُـطى والنَّـقائـبِ
وهو يحمّل الذاهبين إلى غزّة رسالة مشتاق هدّه البعد:
عرِّج على نفر بغزّة هاشم صبروا
وقِدْحُ الصّابرين منـــــيحُ
ومتى سُئلتَ فقل رأيتُ متيماً لبسَ الشحوب طرازهُ التَّلويحُ.
ويتحسّر على أيامه الأولى بغزة قائلاً:
أينَ أيّامنا بغزَّة والعيشُ نضيرٌ واللهو رحبُ المجال.
عاش أبو إسحاق الغزي في ظل الدولة
السلجوقية حتى مات في خراسان سنة 524هـ ودفن في بلخ، وعمره نحو 83 عاماً، ونقل عنه أنه كان يقول لما حضرته الوفاة: أرجو أن يغفر الله لي لثلاثة أشياء: كوني من بلد الإمام الشافعي، وأني شيخ كبير، وأني غريب.

 0  0  
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:49 مساءً الخميس 18 رمضان 1445 / 28 مارس 2024.