بقلم / محمد طويلة
مساء شاحب ..
اصوات صاخبة ..
ملامح البؤس تملكت المكان ..
في احدى الزوايا يجلس ذلك المسن يحتسي قهوته .. والزاوية الاخرى بديكوراتها الداكنة ، يئن فراغها منها ..
صورة الحياة في ذلك المقهى سوداء .. وتناقضاتها اشبعت الأركان ..
على كل حال .. وكعادتي في كل مساء أشرت الى النادل ليعد قهوتي المعتادة، والذي تفاجأت انه لم يعد يعرفها اليوم !!
خطب ما يعتري ذلك الجسد ، ملامح بائسة كست وجهه الشاب ، ونظرة حزن مقيته ملأت مقلتيه دمعا بقي أسير الجفون ..
ذلك النادل الجنوب اسيوي والذي أتم اليوم عامين مغتربا عن وطنه وأهله .. وبالرغم من كثرة زبائنه وعملاء المقهى اليوميين .. لم يكترث أحدهم لرثاثة مظهره على غير العادة ..
فجأة وبدون مقدمات ، اقترب مني ولا اعلم لمَ اختارني انا !! اقترب ليهمس لي بكلمات مبهمة ، خرجت بصوت أنهكه الألم ، ونبرة أنين موجعة عبثت بقلبي ..
ضاقت بي الوسيعة وخنقتني العبرة عندما فهمت انه يحاول جاهدا اخباري عن وفاة احد اقاربه المقربين جدا الى قلبه .. وعن تلك المشاعر المكبوتة بداخله معبرا عن صعوبة الفقد والم الوداع البعيد ..
لكم آلمني حاله الذي يحكي ألم الفقد في الغربة .. فغربة وطن .. وغربة أهل .. وغربة أصدقاء .. بل وحتى غربة للغربة نفسها ..
يا الله ارزقه الصبر والسلوان وابعث في روحة النقية الراحة والسعادة ..
تلك الروح الوحيدة التي غشاها الصمت بأبشع الوانه ليرهقها .. ويبني بينها وبين البوح حاجزا يثقل به كاهلها ..
اعتقد انني اليوم أعرف جيدا كم هي قاسية حقاً وحدة الروح ولعنة البوح .