علي بن حسين الزهراني
جدة تلك العروس التي تغفو على جفن الشواطئ , تلتحف السماء من برد العواصف , وتنام على راحتي البحر حنانا , وتسامر القمر ليلا في عتبات الأحلام , وتستيقظ على رمش فجرٍ يرسل أشعتها إلى شروق شمسٍ لتنير صفحة البسيطة إشراقا , تتراقص على وقع خطاها مبتسمة لحياة ملؤها الأمل , وتنفث في أرجاء الأرض آيات الغرام ...
هكذا أتصوّرها وربما مّنْ قرأ مقالي يشاركني هذا الوصف ولكن من اغتال ذلك التصوّر , وسرق الفرحة , وبدّل الابتسامة همّا وحزنا ؟
إنها الصحة يا معالي الوزير ! فبدونها للأسف تلك العروس تهرم وتشيخ وهي في ريعان شبابها , فالشوارع ضيّقة قُرب مستشفياتها , والمرآب المواقف أقصد مزدحمة " بكبسة حديدية " من السيارات بعضها بجانب بعض بالكاد ترى طرفها , هذا إن وجدت موقفا !
ومستوى النظافة للأمانة جيد في أغلبها بصراحة لكن المواعيد كرقوب , من الشهرين والثلاثة كمستشفى الملك فهد على سبيل المثال لم يراع فيه أهمية الحالة ومدى خطر انتظارها لهذه المدة الطويلة , أما مستشفى النساء الأطفال والولادة بالمساعدية فحدّث ولا حرج , في الأسبوع الماضي تحديدا الأربعاء والخميس انتظر المراجعون الساعات الطوال وعندما أحد يسأل عن السبب يقولون لك " السستم عطلان " يا الله ! ناهيك عن المستشارين والأخصائيين من الدكتورات والدكاترة الأفاضل والفضليات في العيادات حضور متأخر ومعاملة دون المستوى!
وإن عدلت عن ذلك كله , وذهبت إلى المستشفيات الخاصة , فتضحك بملء فيك , فالنقود أولا قبل الكشف , والمعاينة فالصحة بالنسبة لبعضها ليست مهمة في المقام الأول بل تالية , والمهم هو النقود , فتضطر إلى الدفع وإن كنت غير مقتنع وبصراحة أكثر لم تزلّ الصحة في تدهور !
وللأمانة التي لا بد ذكرها هنا أن مستشفى الملك عبد الله والجامعي أحسن السيئين , لكثرة مراجعيه للأسف ,لأنه في نطر الأغلب الأعم هو الأفضل بالنسبة للبقية !
وهناك في طرف قصي وجدتُ مسنا فسألته عندما ذكرت له هذه المشكلات ويعرف أني سوف أكتب مقالي هذا فقال بعبارة حزينة منكسرة :
أكتب يا ولدي لمعالي الوزير : الصحة تحتاج إلى صحة , أعيدوا النضارة إلى عروسنا !