قصةٌ رُوِيَتْ، شابت نَوَائِبَهُ=ونَرْوِيها عَجَباً كالحُلُمِ
أدْمعَتِ العينُ فسالت دمَا= شكا الوجودُ حِدَّةَ الجُرُمِ
تَدَهْدَهَ الفُجّارُ فلا عدلٍ= وَشَابٌ من الظُّلمِ قد هَرَمِ
حُمَيدَانُ قد أُسِرَ بظلمٍ=وأسْرُهُ من الحقْدِ منْفَحِمِ
أَوْجَدُوا عن تُهَمٍ يفترونَهُ= فما وَجَدُوا غَيرَ الوَهَمِ
سَاقُوهُ نحْوَ العذابِ ألماً=فهادن النّاسَ بلا سَأَمِ
أَفرَدُوا زِنْزَانَتَهُ فَصَبِرَ= فلم يَدْمَعْ ولمْ يَشْكُو أَلَمِ
حَاوَلُوا قَهْرَهُ ولَكِنّه=أَحْرَقَهُم بِصَمْتهِ والحُلُمِ
كم مضى خلْف حديدٍ=دون ذنبٍ جورٍ عِظَمِ
فالقيد في ساقٍ وعنقٍ=والبشَرُ يَعْلُو وَجْهَ مُنْتَقِمِ
لا يستطيعَ دَرْءَ الرِّدَى= والقَهْرُ أَدْمَى القَلْبَ أَلَمِ
فنظرةٌ بالصمتٍ واجفةٌ=ولقياهُ لَحَظَاتٍ كالوَهَمِ
صَاحَتْ مِنْ الهَوْلِ مَوَاجِعُهُ= بصرخةِ الأوجاعُ والغَمَمِ
هل أسقينا الليلَ منّا دعوةً= قد طَال الدُّنا بِالقهْرِ والحَدَمِ
أمٌّ ثكلى وزوجةِ جريحةٍ=وأبناءه في بُعْدِهِ كاليُتَمِ
مَعْدَنُكَ أ أَبَا تُرْكِي يَمْنَةً=والصّمتُ خيرٌ من الكَلِمِ
الناسُ تخشى الأُسْدُ صامتةً=والكلبُ ينبحُ بلا غَنَمِ
فمن يُجِيْرُ العَبْدَ مِحْنَةً=سِوَى رَحْمَانٍ ذو كَرَمِ
أَوْعَدُوهُ في ثَمَانٍ فَرَجُهُ=فَحَكَمُوا في ظُلْمٍ وَعَتَمِ
لَمْ يُعْطَ حقّه كسجِينٌ=أسقموهُ سُقْمٍ بعدَ سُقَمِ
من يَرْضَى الأَهْوَالَ تِلْكُمُ=صَاحَتْ مِنْه شَيْخٌ وفُطَمِ
تسأل الأحزان نائحةً=من يكتوي حُمَيْدَانَ بالحِمَمِ
أَيَا مَلِيكْي أَنْتَ رَجَائُنَا=أَقْدِمْ لَنَا فَرْحَةَ الشّيَمِ
مَلِيكِي تَعَالَى شَأنُه وَقَد=شَابَتْ رُؤُوسَ كُلِّ الأُمَمِ
أعده لأمٍ طال انْتِظَارُها=تَزَيَّنَتْ لأَجْلِهِ وَلَم تَنِمِ
سَخِرُوا مِنّا لِصَمْتِنَا عَنْهُ=وانْتَهَى في صَوْلَةِ الجُرُمِ
قد قدّر الله البلاء فلا جزعٌ=فسيمحو البلاء بالنِّعَمِ
وَلَن يَكُونَ فِيهِم رَجَاءً=ولَنْ نَرْجُ لِمَنْ فِيهِ صَمَمِ
فلم يبكي ليثٌ فريسته=ولَمْ يَأْسَفُ بشّارٌ مَلْحَمِ
فليس دون الله ذرّ أملٍ=والأمرُ لا يَخْلُو من الحكَمِ