عبدالله بن أحمد بيه
بدايةً لابد لنا أن نعي أن كل أمرٍ أبحاه الله ورسوله هو في المقام الأول خير ، فالله بحال عباده عليمٌ خبير ، وإقرار رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أمورِ دنيانا لها الحكمة البالغة .
تعلمون أنَّ موضُوع " تعدد الزوجات " أخذ جدلاً واسعاً بين مؤيدٍ ومُعارضٍ ، ولا شك أن رأي الشارعِ أولى وأعظم من رأي الشارع ، فالقرآن والسنة هما المرجعان الأساسيان لكافة قضايا الأمة الإسلامية .
الأصل أولاً " التعدد " أم الإفراد ؟! ، وهذه قضية خاض فيها الكثيرون( بتفريط) دون مغنم ، والفصل في ذلك ما قاله العلامة عبد الله بن جبرين أنه عائد للشخص نفسه إن استطاع العدل فالأصل له التعدد ، وإن خاف فالأصل في حقه الإفراد .
هل التعدد من تشريعات الإسلام ؟ ، والمعلوم أن التعدد كان معروفاً في الأمم السابقة قبل الإسلام ، سيَّما العرب منهم ، فقد كانوا مشهورون بالتعدد وحب كثرة الأولاد ، وجاء الإسلام " لتقييد " .
إذا الشرع ضيَّق على الرجل التعدد فجعل أكثره " أربعة " { مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ } ، وفي ذلك حكمة عظيمة في عناية الشارع الكريم في حفظ "الموازنة الاجتماعية" لأمة الإسلام .
إذ أن تزايد أعداد النساء بيِّن ، فهنَّ معرضات لأن تكون إحداهنَّ عانسة والثانية مطلقةً والثالثة أرملة ، فمن هنا أعطى الإسلام زيادة نسبة حظهنَّ بالزواج ليتعففن ، فهنا " التعدد في صالح المرأة أعظم " .
كما أن الشرع حفظ لهن حقوقهنَّ قال تعالى : { فإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً } ، فاشترط العدل بين الزوجات وإلا فلا يحق له أن يميل لواحدة دون الأخرى ( بمجرد الشعور فقط بالخوف ) .
بلى رهَّب في قضية العدل فقال : { وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ } ، ليعلم أنه قد يميل قلب الرجل لإحداهنَّ حتى يظلم ويجور ، وكلَّ ذلك لحفظ حقوقهنَّ .
كما أنَّه حفظ حق الرجل فالمَرأة تمرض وتتعب وتكبر ، ويَعتريها مِن الأمُور مَا لا تجهلوه ، وهو محتاج للغَريزة الفطرية التي وهبَها الله له ، فأباحَ له التعدد بدلاً مِن أن ينجرّ إلى الأسوأ مِن ذلك " الحَرامَ أوِ الطَلاق .." .
ليبتعدنَّ نسَاء المسلمين عن الأنانية وليتفكرنَّ فِي مصِير أخواتهنّ ، " أرامِل ومطلقات وعَوانِس يُردنَ العَفاف " ، أين النظر للمصَالح الشرعية والإنسانية ، أين الرحمَة وحب الخير لنسَاء المسلمين ؟!
لتتصور كل زوجَة أن تكون مَكان واحِدة مِن تلك ، كيف يكون حَالها ؟ ومَا الأمنيات التي ترجوها ؟
ثم أشير إلى مَا أجمع عليه أهل العلم والفَضل أنَّ مَن كرِه شيئاً أو أنكَر شيئاً مِن كتاب الله وتشريعه ، أو الاعتقاد بأن أمراً شرعه الدين في ظلماً أو هضماً ، قد يكون مرتداً عن الإسلام وأهله { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ } .
لا يعنِي أنَّنا ضد غيرة المرأة على زوجها ، لكننا نرِيد الإنصَاف والمَصلحة العَامة في حُدودِ الشرع .
ثم ليس مِن حَق الرجل التعدد وهو يخَاف عدم العَدل كمَا ذكرت ، وغير ذلك عدم قدرته عَلى النفقة وقيامه بشؤون أسرته من تربية لأبنائه ورعايتهم والوقوف عند أحوالهم ، لا نريد ( تعَدد وخِلفة ) ونترك تربيتهم للشوارع .
وأخيراً .. تتعجب مِمن يرُد ويحُد التعدد بحجة قصة منع رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه ـ الزواج على فاطمة من ابنة أبي جهل ، وذلك ( منعٌ وحكمٌ خاص ) كمَا قال العلماء ، لِمَا في ذلك أسبَاباً بينوها ، ولكم الرجوع إليها إن أردتم .
أدعوكم للتعدد .. دون سؤالي