• ×

09:25 مساءً , الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


الرباط المقدس في الإسلام

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 خولة مرتضوي
خولة مرتضوي


إنَّ الزواج في البيئة التي سبقت ظهور الإسلام كانَ مُتعدد الأنماط والأشكال ولم يكُن محدداً نهائيا، وكانت هذه الأنماط بسبب توارث تلك الشعوب بعض عادات الشعوب الأخرى التي احتكت بها عبر فترات زمنية طويلة، كما وكانت البيئة البدوية الصحراوية ونظمها الاجتماعية سبباً في ذلك.
وفي ذلك حديث للسيدة عائشة رضي الله عنها حيثُ أخبرت عُروة بن الزبير: (أن النِكاح في الجاهلية كان على أربعة أنماط: فنكاحٌ منها نكاح الناس اليوم، يخطُب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها، ونكاحٌ آخر: كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرتْ من طمثها: أرسلي إلي فلان فاستبضعي منه (وهو ما يسمى بزواج الاستبضاع)، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبداً حتى تتبيَّن حملها من ذلك الرجل، فإذا تبيَّن حملُها أصابها زوجها إذا أحبّ، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، ونكاحٌ آخر: يجتمع الرهط ما دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت ووضعت، ومرت ليالٍ بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، تقولُ لهم: قد عرفتم الذي كان من أمركم، وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان، تسمي من أحبت باسمه، فيلحق به ولدها، لا يستطيع أن يمتنع به الرجل، نكاحٌ رابع، يجتمع الناس الكثير (فوق تسعة أشخاص)، فيدخلون على المرأة لا تمنع من جاءها، وهنّ البغايا، وكُنَّ ينصُبنَّ على أبوابهن راياتٍ تكون علماً، فمن أرادهنَّ دخل عليهنَّ، فإذا حملت إحداهنَّ ووضعت حملها، جُمِعُوا لها ودعَوا لهم القافةَ، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فلمّا بُعث محمد بالحق هدَمَ نكاح الجاهلية كُله، إلاّ نكاح الناس اليوم).
وعليه فإنَّ للزواج والعلاقة الزوجية في الإسلام مكانة قدسية عظيمة، حيثُ يصفها القرآن الكريم بالميثاق الغليظ، قال الله تعالى في سورة النساء: (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا، أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً، وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً) .
إنَّ أهمية هذا الميثاق الغليظ تأتي من أنه لم يرد بهذه الصيغة إلا في ثلاثة مواضع، هي:العلاقة الزوجية، ميثاق أخذه الله من اليهود: (وقلنا لهم لا تعدوا في السبت وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً) ، وميثاق أخذه الله من النبي محمد ومن النبيين، وذكر منهم أولي العزم: (وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا).
كما إنَّ الإسلام جعل الإيمان والالتزام الديني المعيار الأول للزواج، وفي ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه، فانكحوه. إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض وفساد) ، وقال الرسول الكريم: (تنكح المرأة لأربع: لجمالها ولمالها وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك).
إنّ النبي الكريم استقى أحاديثه التي تشجع المسلمين على الزواج من التوجه القرآني الصريح، حيثُ قال عليه الصلاةُ والسلام: (يا معشر الشباب!، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنّه أغضّ للبصر وأحصن للفَرْجْ، فمن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنّه لـه وِجَاء) ، والحاكم عن أبي أيوب عن النبي صلى اللهُ عليه وسلم أنّه قال: (أربعٌ من سننِ المرسلين: الحياء والتعطر والسواك والنكاح).
كما أنَّ الفتاة المسلمة الراشدة تُعطى الحق في تزويج نفسها لمن تراهُ مناسباً لها ولأسرتها، وفي ذلك قال الرسول الكريم: (لا تُنكح الثيِّب حتى تُستأمر، ولا تُنكح البكر حتى تُستأذن، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكت) ، ويتفق جملة الفقهاء على أن تلي الثيّب نفسها وليس لغيرها ولاية عليها، لأنها تزوجت من قبل وصار لها تجربة تمكّنها من تقرير واختيار ما يناسبها، بينما يختلفون في أمر الولي بخصوص زواج الفتاة البكر، ففيهم من يشترط موافقة الولي، استنادا لحديث رواه ابن عباس عن النبي: (لا نكاح إلا بولي، والسلطان ولي من لا ولي له) ، وفيهم من لا يشترط هذه الولاية، لإتمام الزواج، لأنّه من الناحية الشرعية، ليس للآباء أو الأولياء سلطة على الفتاة سوى نصحها وإرشادها.
وإذا كان العرف يقضي أن تولّي الفتاة برضاها، أباها أو أخاها لينوب عنها بعقد قرانها، حفظا لعُرى المحبة والاحترام بين أفراد الأسرة، فإنَّ بعض أولياء الأمور يسيئون استخدام هذا الحق الأدبي ويدّعونه حقا ورَّثته لهم السماء، يتصرفون به حسب أهوائهم الشخصية، ويبرمون عقود الزواج من غير موافقة بناتهم، إما طمعا بمال وإما رغبة في جاه وإما تخلصا من عبء، لذا نادرا ما يكون الأهل بلا تأثير على زواج أبنائهم (ذكورا وإناثا)، وهو تأثير يتراوح بين إعطاء الرأي والتحذير، إلى المخاصمة وقطع العلاقات إلى إعاقة الزواج قانونياً، وقد يصل لدى بعض التجمعات السكانية المحافِظة أو شبه البدوية إلى القتل.
وعقد الزواج له شروط نذكر منها ما يأتي، وهو أهمها: رضا الزوجين، فلا يصح إجبار الرجل على نكاح من لا يريد، ولا إجبار المرأة على نكاح من لا تريد، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها) ، وإذا خطبها شخصان، وقالت: أريد هذا، وقال وليها: تزوجي الآخر، زُوجت بمن تُريد هي إذا كان كفؤا لها، أما إذا كان غير كفء فلوليها أن يمنعها من زواجها به، ولا إثم عليه في هذه الحال.
وحين تنتقل المرأة من بيت والديها الذين حثهما الإسلام على الإحسان إليها إلى بيت زوجها تأتي الوصايا إلى الزوج بوصايا عديدة تحفظ لها كرامتها ؛ كلزوم الإحسان والعشرة بالمعروف، ومن ذلك : حقوقها المعنوية: فالمرأة عاطفة تتدفق، ومشاعر تتألق، جعلها الإسلام سكن الوالد، ومحضن الولد، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفق بها مشبهاً إياها بالقوارير : (رويدك يا أنجشه سوقك بالقوارير) ، وقد راعى الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الجانب في النساء فأشبعه، ودلَّ على ذلك حُسن عشرته، وطيب قربه، ودماثة أخلاقه، حيثُ كان صلى الله عليه وسلم يُساعد زوجاته في عمل البيت حين يكون متواجداً معهن، وكان يُراعي غيرة زوجاته، واستقراؤه لحالهن ما إن كنًّ راضياتٍ أم غير راضيات، وما ذلك إلا من فطنة الرجل ورقة عاطفته.
ومن حقوق المرأة التي حفظها الإسلام للمرأة على زوجها حسن معاشرتها ومعايشتها، وعدم التقصير في حقها بالمعروف، ومن حسن المعاشرة في حالة وجود أكثر من زوجة لدى الرجل، والسعي للعدل بينهن، فإن علم من نفسه عدم قدرته على العدل والإنصاف فيما بينهن فعليه أن يقتصر على زوجة واحدة، لما يستوجبه العدل من الجهد الجهيد الذي يصعب معه تمام الإنصاف من الحريص، وفي حال الضعف عن العدل والإنصاف المتزن فقد نهى الله الزوج عن الميل والجنوح البالغ إلى واحدة دون الأخرى، قال الله تعالى في سورة النساء: (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) ، فالعدل دليل على تمكن التقوى من قلب الزوج، ومن حقوق المرأة على زوجها الإنصاف والعدل فيما لها وما عليها من الحقوق، فهي حقوق متبادلة بين الزوجين، فلا يحق لأحدهما المطالبة بكامل حقوقه مع تقصيره في حق الطرف الآخر.
كما كفل الإسلام للمرأة حق نفقة الرجُل عليها، وتمتد النفقة من قبل الرجل على زوجته ومولودته، وابنته، وأمه، ومن قرب منه من الأصول، والنفقة تشمل الطعام والشراب، واللباس ، والسكنى، وكل ما ينفقه الإنسان على نفسه، وما يتبع ذلك حسب العرف في إطار القواعد الشرعية، ودليل ذلك من كتاب الله قوله تعالى: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ) ، ويقول القُرطبي في تفسير الآية: أي ليُنفق الزوج على زوجته وعلى ولده الصغير، على قدر وسعه حتى يوسع عليهما إذا كان موسعاً عليه، ومن كان فقيراً فعلى قدر ذلك.

خولة مرتضوي
كاتبة وباحثة أكاديمية
Khawlamortazawi@gmail.com


بواسطة : خولة مرتضوي
 0  0  1460
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 09:25 مساءً الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024.