• ×

02:42 مساءً , الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


الشِقاق والفِراق في مُؤسسَة الزَواج

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 الكاتبة خولة مرتضوي
الكاتبة خولة مرتضوي

إنَّ الله تعالى كتبَ على نفسه العدل، ولكيلا تقع مؤسسة الزواج في براثن الشقاق والفراق كانَ على الزوج أن يكونَ عادلاً في هذه المؤسسة، فإما أن تستمر الحياة التي شرعها الله بين الزوجين في شكلها التامّ مع مراعاة استيفاء كافة الحقوق والواجبات بين الطرفين، وإما يكون الطلاق والتسريح بالإحسان إذا وصلت الأمور إلى طريق مسدود لا حلَ مرتجى فيه وأن يكون طلاقاً جميلاً دون إساءةٍ وانتقام، قال الله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) ، كما إنَّ القرآن الكريم يتناول موضوع الطلاق في عدد من الآيات القرآنية التي تبين أغلب أحكام الطلاق وما يمكن أن يترتب عليه من علاقات أسرية واجتماعية، منها: سورة النساء، سورة البقرة، سورة الطلاق.
ويبدأ علاج المشكلات الزوجية قبل أن يقع الطلاق على النحو التالي: أولاً: الوعظ الذي يتضمن النصح والتوجيه وبيان ما على الزوجة من حقوق الزوج كما يتعرض لبيان حقوق الزوجة على الزوج، ويركز علي بيان ما يترتب على تضييع حقوق الزوج وعصيانه، ثانياً: الهجران في الفراش فهو الذي يجلب لها نوع من الوحشة وعدم الأنس ويدعو إلى التوبة والرجوع إلى الطاعة، وثالثاً: الضرب شريطة أن يكون ضرب تأديب وتخويف فقط لا ضرب انتقام يجرح الجلد أو يكسر العظم، ورابعاً وأخيراً: جلسة مفاوضة ومناقشة يشترك فيها حكَمٌ من أهله وحكَمٌ من أهلها وإذا لم يُجْدِ شيء مما ذكر وضاق كل واحد منهما نفساً بالحياة الزوجية، هنا يأتي الطلاق لإنقاذ الموقف بإنهاء تلك الحياة التي تحولت جحيماً لا تطاق بعد أن كانت مودة ورحمة وطمأنينة وراحة، وهذه المراحل التي تسبق الطلاق وربما تمنع الطلاق بيّنتها سورة النساء: (الرجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً، وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً﴾.
ومع أنّ الدين جعل أمر الطلاق في يد الرجل، وأناط به كل ما يتفرع عن هذه المسألة، إنّما أفسح المجال للمرأة أن تشترط في عقد زواجها، أن تكون العصمة في يدها، كما في الفقه السني، فالدين لا يسُد على المرأة منافذ الحرية ولا يضيِّق عليها في أن تملك التصرف، بحريتها في إنهاء العلاقة الزوجية، من خلال هذا الشرط المذكور ضمن العقد، وقد تمنَّى القرآن على الأزواج، أن يصبروا على زوجاتهم ولا يتلمسوا عثراتهن، وأن لا يطلقوا لمشاعرهم عنان التحكم في مواقفهم من نسائهم، كي لا يضيع بينهم التذمم والتراحم، فالحب ليس دائماً مصدر السعادة والخير، وإن استاء الرجل من بعض التصرفات من زوجته، فربما تغفر لها حسنات عديدة. قال تعالى في سورة النساء: (عاشروهُنَّ بالمعروفِ فإنْ كَرِهْتمُوهُنَّ فَعَسَى أن تكرَهُوا شيئاً ويجعلَ اللهُ فيه خيراً كثيراً) ، ولأنَّ الحياة غير مستقرة المسار، والناس غير ثابتي المشاعر، يُسارع الشارع إلى إنقاذ العلاقة الزوجية قبل أن تقع الفأس بالرأس، ويدعو الأزواج إلى التريث والتروي، واللجوء إلى الأقارب وأهل المشورة للتوفيق بينهما، قبل الإقدام على أية خطوة تهدد بفصم هذه العلاقة، وبعد وقوع الطلاق، يطُلب التشريع من أصحاب العلاقة أن يحصُوا مدة العدة، لاستبراء الرحم، ومنعاً لإلحاق أي مضرة بالمرأة، كتأخير زواجها من رجل آخر، قال الله تعالى في سورة البقرة: (وإذا طلقتم الَّنساءَ فبلغنَ أجلهنَّ فلا تعضلوهنَّ أن ينكِحنَ أزواجهنَّ) ، وذلك مع السماح لها بأن تمضي مدة عدتها، في بيت الزوجية دون إزعاج من قبل زوجها، وحكمة الدين، من إبقاء الزوجة في البيت، هي إتاحة الفرصة أمام الزوجين، لإصلاح ذات البين وإعادة الحياة بينهما إلى سابق عهدها.
إنَّ هناك عددٌ من الحقوق اللازمة على كلا الطرفين والتي يجب مراعاتها بعد وقوع الطلاق، فحقوق الزوجة لا تنقطع بعد الطلاق، فلا يجوز الإساءة للمطلقة أو ظلمها، قال الله تعالى في سورة الطلاق: (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف). فّإذا وقع الطلاق في فترة الحمل، فعدتها تكون في وضع حملها على أن ينفق الرجل على مطلقته حتى تضع مولودها، يقول الله تعالى في سورة الطلاق: (وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) ، كما أنَّ عليه أن عليه أن يُنفق عليها نفقة إرضاع، كما في قولهِ تعالى في سورة الطلاق: (وإن كنَّ أولا حملٍ فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن، فإن أرضعنَّ لكم فآتوهن أجورهن)
ولما كان الطلاق كسر لمشاعر الزوجة، كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم بقوله: (وكسرها طلاقها) ، فالطلاق انكسارٌ يصيب المرأة، وشرخ يؤثر في حياتها، ولذلك وجه القرآن الزوج إلى جبر ذلك الكسر، وذلك بأن يُراعي الزوج انكسار نفسية الزوجة بعد طلاقها فيجبر كسرها بشيء من المال والعَوَض على قدرِ سعته، قال الله تعالى في سورة البقرة: (ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً).
وينظر التشريع إلى الطلقة الأولى على أنَّها تجربة قد يتعلم منها الزوجان حقيقة التراحم والمودة، ويقفان من خلالها على حقيقة مشاعرهما، ورغبة كل منهما في استئناف الحياة الزوجية ثانية، فإن صدقا في الإصلاح، فالطريق مفتوحة لهما، قال اللهُ تعالى في سورة البقرة: (وبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ في ذلكَ إنْ أرادوا إصلاحاً ولهُنَّ مثلُ الذي عَليهنَّ بالمعروفِ وللرجالِ عَليهنَّ درجةٌ واللهُ عزيزٌ حكيم) ، وهذه الدرجة التي للرجال على النساء، محصورة حكماً ضمن سياق الطلاق، لكون الرجل يستطيع أن يردَّ زوجته إلى عصمته قبل انقضاء فترة العدة، بينما لا تستطيع المرأة أن تردَّ الزوج إلى عصمتها، ولو رغبت في ذلك، أمّا الطلقة الثانية فتعتبر امتحانا أخيرا للزوجين في حين تشير الطلقة الثالثة إلى فساد مترسخ في علاقتهما، يصعب معه عيشهما معا، وإذا رغب الزوجان، المطلقان ثلاثا، في العودة فلا يجوز لهما ذلك ما لم تتزوج المرأة برجل آخر، أي أن يذوق عسيلتها وتذوق عسيلته، وفي هذا الإجراء عقوبة قاسية للزوجين، للارتداع عن التناحر والخصام، وفيه دعوة للزوج للتروي والتفكير مليَّا، قبل أن يتلفظ بكلمة الطلاق.

خولة مرتضوي
كاتبة وباحثة أكاديمية في حوار الأديان
khawlamortazawi@gmail.com


بواسطة : خولة مرتضوي
 0  0  1537
التعليقات ( 0 )

جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 02:42 مساءً الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024.