• ×

05:12 مساءً , الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024

جديد المقالات

بواسطة : ادارة التحرير

بقلم شراز القلوي البارحه هبطت ذاكرتي وعادت...


بواسطة : ادارة التحرير

بقلم -بندر بن عبد الله بن تركي آل سعود : من...


بواسطة : ادارة التحرير

الكاتبة / د. هيله البغدادي إحساس وشعور مفعم...


بواسطة : المحرر

الكاتبة الدكتوره / هيله البغدادي تحرص حكومة...


بواسطة : المحرر

الكاتبة / د.هيله البغدادي الحسد طبيعة بشرية،...


يــــوم فى دمــنـهــــور

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
(( يــــوم فى دمــنـهــــور ))
((. من ســــجل ذكرياتــــــــــــــــى . ))

حدثتنى نفسى أنها أحيانا تشعر بالاحتياج إلى التعبير عما يعنّ لها من خواطر وأفكار ، أو أن تفصح عما ينتابها من حنين إلى الماضى وذكرياته . ولكنى كنت دوما أزجرها وأنهاها وأتعلل بشدة الانشغال وضيق الوقت .. واليوم فقط كنت كريمة جدا معها ، وسمحت لها أن تملى على بعض خواطرها ، وأنا أسجل لها ماتقول كتابة . فاستراحت واعتدلت ثم قالت :

علمتنى الحياة كما أن لكل شئ بداية ، فإن له أيضا نهاية ،.وما من شئ يدوم إلى الأبد ، حتى الصداقة والصحبة فى مرحلة الطفولة تلك الصحبة التى جمعتها مرحلة الحضانة لا تلبث أن تفرقها المرحلة الابتدائية ، وما أن يبدأ كل واحد منهم فى تكوين صحبة وصداقات جديدة حتى تفرقها المراحل الدراسية التالية ، وحتى لو ساعدتهم الظروف فامتدت بهم الصداقة والصحبة حتى نهاية المرحلة الثانوية فسوف يحين وقت الانتقال للمرحلة الجامعية حيث تصبح الفُـرقة وقتها حتمية وإجبارية - إلا ما ندر - وذلك بحكم تفاوت مجموع الدرجات بين الصديق وصديقه ..
أما عن تجربتى الشخصية مع الصحبة فقد ظللت أحمل بين جنبى حنينى الصادق لكل مرحلة من تلك المراحل بحلوها ومرها ، وبخاصة مرحلة الطفولة ببراءتها ، ونقائها ، أشتم عبق أريجها العطر ، الذكى ، الفواح بكل نقائه ، و صفائه ، وأشتاق إليها بشدة ..حتى حانت لى الفرصة لزيارة موطنى الأصلى بعد حين من الوقت ، واستبدت بى الرغبة والحنين إلى التمسح بجدران تلك الذكريات ، وترك النفس لتعيش بينها ، وتشتم عبيرها ، فيسعد القلب ، وتنتعش الروح ..وأصررت على النزول إلى أماكن مهد الذكريات فلم أجد الأماكن ، ولا الصحبة ، ولا الذكريات .. لقد تم محوها كلها بمعاول التطور و الحداثة ، ..أسرعت أسعى نحو مدرسة ( الروضة ) الحضانة كى أسعد بفنائها الجميل وأسلم على عم ابراهيم الحارس ، ثم حجرة الموسيقى والبيانو ، والمطعم ، والفصول التى جمعتنى بالصحبة الحلوة ، وتصحو فى ذاكرتى الوقائع التى مرت بنا فى كل فصل ، حتى النصائح والتوجيهات التى كانت تغذينا بها المدرسات ، كل ذلك مازال مختزنا فى ذاكرتى القديمة كأنه حد بالأمس فقط .. كل هذا جال بخاطرى ، وتزاحمت حولى الذكريات وأنا أحث السير نحو المدرسة واقترب من مهد ذكرياتى شيئا فشيئا لأجد التطور قد سبقنى ومحا بمعاوله كل معالم ذكرياتى الحبيبة ..و لأجد مكانها بناية ، ضخمة ، صماء ، خرساء ..أحسست من هول الصدمة - أننى أرفض أن أعترف بما تراه عينى ، وتمنيت لو أستطيع أن أصرخ فى وجه من فعل هذا بكل قوة : أعد إلىّ معالم ذكرياتى أيها السارق المغتصب .. لقد سرقت منى سعادة لا تدانيها سعادة ، أحسست أننى أريد أن أقتلع تلك البناية من جذورها ، وأن أكذّب وجودها ، وأكذّب عينى لأعيد ذلك المكان سيرته الأولى ، وأرده إلى صورته القديمة ، بألوانها الطفولية الزاهية ، الناصعة ، وعبقها العطر ، ، وذكرياتها البريئة ، ولشدة وقع الصدمة تملكنىى شعور بالذهول ، والأسف والحسرة ، لقد عشت تلك السنين العديدة السابقة أسترجع صورة المدرسة وكأن رأسى تحمل كاميرا فوتوغرافية تعيد لى شريط الذكريات بكل أطيافه ، وألوانه ، ورائحته ،كيفما ، ووقتما ، وأينما أريد وأنا على قناعة ، وثقة تامتين أن ماتعرضه تلك الكاميرا من صور ، موجود أصلها وراسخ فى مكانه فوق الأرض حتى تتاح لى فرصة زيارته والتمتع به على طبيعته التى أعرفها ، وأستطيع أن أصطحب أطفالى لأريهم أماكن سعادتى ، وطفولتى ، وذكرياتى البعيدة عنهم ، التى أحكى لهم عنها .فقلت لنفسى لقد محا الواقع الجديد ما قبله تماما ولن يعود مرةأخرى إلى الأبد مهما فعلت ..ما أمامك هو الوافع .. وعليك أن تتقبليه وأردت أن أخفف عن نفسى هول الصدمة فرحت أجوب البلدة .حتى أجد ما أعوض به نفسى عن فداحة ما جرى لها جراء الصدمة الأولى..بدأت فطوفت ببيت طفولتى ، ثم بيوت الصحبة ، والأقارب فلا أجد شيئا قد بقى على حاله ، حتى محلات البقالة والحلوى ، التى كان أهلها يعرفوننى وأعرفهم تغير شكلها ، و أصحابها ، ونشاطها ..ووجدتنى أمشى فى بلد غريــب عنى تماما ، أزوره لأول مرة لأستكشف أسراره ، وتضاريسه .. وضاع الهدف الذى جئت من أجله ..فأخذت أجمع أشيائى ، وألملم أطراف حسرتى ، وأتوجه إلى أول قطار يحملنى بعيدا حتى يتسنى لى أن أنسى أن أحلامى ، وصحبتى ، وذكرياتى قد ضاعوا جميعا ، و عدت بدرس قد تعلمته من تلك الزيارة ، وهو أن ما ينقضى من العمر ومن الأيام لايعود مرة أخرى أبدا ..نعم قد تبقى ذكراه فى ذاكرتنا ، ويبقى أريجه فى أنوفنا ، تبقى سعادته فى قلوبنا ، ونشوته فى فى أرواحنا ،ولكن ليس على أرض الواقع ، وإنما داخل كل واحد منا على حده مع نفسه ، فهو وحده صاحب الكاميرا التى سجلت فى الماضى ، وهو وحده القادر على استرجاع تلك الصور ولكن بينه وبين نفسه فقط ، أى فى خياله أو عندما يرويها لأطفاله أو أحبابه .

وعندئذ توقفت نفسى عن الإملاء .... وتوقفت أنا كذلك عن الإصغاء .. وعن الكتابة


*** فريـــــــال العبد ***


بواسطة : رشا جبران
 2  0  1176
التعليقات ( 2 )

الترتيب بـ
الأحدث
الأقدم
الملائم
  • #1
    07-20-1434 03:56 مساءً خديجه ملوخيه :
    للأسف هذا مايسمونه بالتطور الحضاري ....
  • #2
    07-21-1434 01:29 مساءً عزة الحسيني :
    مقال أكثر من رائع
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +4 ساعات. الوقت الآن هو 05:12 مساءً الجمعة 17 شوال 1445 / 26 أبريل 2024.