من الأمور النفسية القوية التي تجعل الطفل يحاول جمع أكثر شيء لديه ولو لم يكن بحاجته ، هو فقده للإحتواء والإهتمام من أفراد أسرته ، فيضطر أن يأخذ شيء ليس له مجرد أن يشار له بالبنان ، يشعر ساعتها أنه طفل مرغوب وأن له وجود . طبعًا كثير منهم يستمروا على هذا المنوال وهذا الخطأ الفادح لعدم احتواءنا لهم وتلبية إحتياجاتهم مع الأسف يكبر وتكبر معه السرقة وربما أصبحت حرفته فيما بعد ، الأطفال أمانة في أعناقنا ومن المفترض المحافظة على هذا الكنز ننميه على الجمال والخلق والعزة ، وأن يده لا تطول ماليس له به حق ، وعلينا معالجة ذلك ، كنت معلمة لرياض أطفال وكانت هناك طفلة تفعل ذلك دومًا مع اي صديق لها وكانت أمها تشتكي دومًا من تصرفاتها ، وكانت عادة معلمة رياض أطفال أن تجلس مع فصلها ساعة إفطار ، في يوم صممت أن أعلمها درسًا لن تنساه ، فتركت حقيبة يدي مفتوحة وبها عشرة ريالات قريبة جدًا من متناول اليد وإذا بالطفلة تأخذ المال وتجري مسرعة نحو المقصف وأشترت ثم عادت وكأن شيئاً لم يكن وفي أثناء الإستعداد للوجبة حرصت أن أجالسها ، الكل أخرج فطوره إلا أنا طبعًا متعمدة ، وإذا بها تسألني أين وجبتك يا معلمتي ، رددت وبكل براءة لا أعرف من أخذ من حقيبتي مصروفي التي أعطتني إياه مام ، سأنتظر حتى أذهب للبيت وأكل ، بكت الطفلة وملست على شعري وقالت ؛ ستأكلين معي وقسمت كل شيء بيني وبينها ، ثم أردفت بعبارة أكيد إنت جوعانة وحتضربك مامتك عشان ما أكلت ، ابتسمت في داخلي وقلت ؛ رحمك الله يا أمي ، وكانت أخر مرة من الطفلة أن تمد يدها على أي شيء لأنها شعرت بالندم ، وتحدثت مع أمها مطولاً أن تحتويها وتلبي إحتياجاتها . الطفل الفاقد لشيء ما لابد أن يعوضه بالسرقة .
د سحر رجب
أديبة وكاتبة وإعلامية
مستشار نفسي وأسري
مدرب ومستشار دولي معتمد لإزالة المشاعر السلبية
